لم يكن ينقصني صوت المذياع العالي، ولا أصوات إعلانات حفاضات الأطفال والمناديل الورقية ومنتجات التخسيس. بي صداع يكفيني ليومين. لا أعتقد بسلامة رأي زميلي الذي قال لي منذ يومين: أرح ذهنك. ربما من الجدير بي أن أسحب وعدي لأبناء بلدي بأني سأموت معهم حينما قلنا بسذاجة صغار: نموت نموت ويحيى الوطن. ساتركهم يموتون هم وسأبحث عن الحياة أو شيء آخر يستحق أن تنتهي حياتي على أعتابه. ماهو؟ لا أدري بعد. لكنني بأي حال أرى حياتي مفيدة لي أكثر من الممات. أنا أحبني، وأراني مهمًا وجديرًا بأن أقول رأيًا، ويُسمع قولي. لذا فمن الهباء المنثور حياة تنتهي لكي يعيش وهم الوطن. هل من المصادفة أن يكون بجواي الآن رواية: الخلود لميلان كونديرا؟ وبجوارها كتاب: حياتنا وإن طالت؟ أية رسالة تريد عناوين كتبي أن توصلها لي؟ قررت ألا أقرأ أي من الكتابين الآن. بعد غد عندما سأكون وحدي، سأتراجع لأقرأ الخلود، وبعدها سأشاهد فيلمين من الأساطير الصينية، ثم أبحث بعدها عن مشروب الخلود، لأجلس في قبة عالية، وأظل أضحك بكثرة على الأجيال المتعاقبة وهم لايزالون يتغنون بطلب إنهاء حياتهم في سبيل مزيد من الحياة للأرض الأم، والوطن الأب. وربما ...
ورقة بيضاء، وصداع، وصخب داخلي، ورغبة في مكان آمن. والكثير جدا من اللامعرفة.