التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رغي ٢٩ أغسطس ٢٠١٧

لم أكتب؟
الآن تحديدًا، وهذه الكلمات بالأخص؟
الكتابة أحيانا تقفز كحل ووسيلة تضبط الأمور ويهدأ بها الداخل!
كالدواء للداء، وكالحل السريع لمشكلة عصية، وكقبلة مفاجئة، وكسجدة وحيدة في الليل.
تعرفون يا أصدقاء؛ أستغرب جدا من يكتبون عن الغير، وأحسدهم أحيانا بل كثيرا!
أقول: كيف لأحد أن يتجاوز داخله؟ كيف يمكن لإنسان أن يسبق تفاعلاته وغضبه وقلقه وانطباعاته خاصة إن كان كثير الملاحظة؟
أود لو أني أتجاوز نفسي ولو لمرة واحدة! كيف يمكنني أن أسبق تكور قبضتي قبل أن أضرب بها جدارا فأصيبه أو أصاب؟
قيل لي مرة إثر انفعالة: يدك! الجدار سيؤلمك.
لا ليس الجدار. إنه أثر الهم والذكرى والأفكار التي نؤمن بها والحب الذي نحمله للجميع.
استغربَ أحدهم مرة حزني الكثيف وصمتي الغريب ولما أخبرته أن ذلك لرؤية امرأتين تمران كل ليلة على صناديق القمامة فتأخذان منها ما ينفعهما وتستمر مسيرة القمامة.
قال: هذا ما أحزنك؟ إنه يحدث كثيرا فهون عليك!!
ماذا؟!
أهذا هو التبرير المناسب؟ ألا يجب أن نستحي جميعًا لأن حياة أحدنا تبدأ من قمامتنا؟

تقفز كل الحكايا والصور والأفكار من الذاكرة والمخيلة أمامي عند كل أزمة. تستمر في السير والعَدْو أمامي. فتكون المشكلة الواحدة هي مجموع ماسبق. ليس ثمة مشكلة واحدة أبدا. يحضر كل ماسبق من خيبات وخذلان ووقوع وخسارة وألم عند الحادثة فتصبح واحدة عنيفة قوية شديدة لو لم تحل فسوف تحضر في المرة القادمة أعنف!
فلا يقول الواحد: لقد تعرضت لخيبة، بل يقول: خيبة أخرى يا صديقي. أصبح رصيدي الآن كذا خيبة وخيبة. سأذهب إلى الزاوية الوحيدة التي تستوعبني عند كل أزمة. أصبحت تعرفني أكثر من أي مكان وأي أحد. سآوي إلى الركن مرة أخرى وأتلو عليه كل التفاصيل وأصرخ فيه مرة أخرى. سأسترجع هناك كل الحوادث وسأقوم مرة أخرى.
قلتُ سابقًا: (نحن نسير وكل الصور والحكايا بداخلنا تنتظر أن يوقظها مشهد ما أو موقف أو صورة). كان يمكنني أن أضع الجملة ملخصة بديلا عن التفصيل الذي ربما يكون مملا!
لكن الأمر حينئذ لا يعدو أن يكون شبيها للسابق وحسب، فتبطل فاعلية الأزمة.

مرة ثانية: لم أكتب؟ والآن بالأخص؟
وأجيب ثانية: لضبط الداخل ومحاولة الترتيب.
فقط.

#رغي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجمال في كل شيء.

 "الليل الليل، ودقة الساعات تصحي الليل" أدندن بالصفير مقلدا اللحن لمقطع من فات الميعاد، ثم أدير القائمة بشكل عشوائي فيأتي المقطع نفسه الذي أقلد من بين مقاطع عديدة. ربما ذلك فيما قبل كان ليكون مطلع نداء وحداء، أو ليلة نكتب فيها ألف كلمة وكلمة ثم لانكون قد قلنا مما يجول بصدورنا إلا كلمة.. فمن للألف يجلبها؟! هل تجلبها قصيدتكِ المحبوسة بصدرك وبصندوق بريدي؟ أم تأوهات كل الأهل بين القصف والحتف؟ تقول السيدة الآن: وهات لي قلب، لا داب ولاحب، ولا انجرح ولا شاف حرمان.  كان لهذا المعنى أثر فيما مضى، ولا أعني منذ سنوات عديدة او أشهر مديدة. بل لعله الأمس أو قبل الأمس بعام أو شهيق إثر قافية نسيب: فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ** ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ أو زفير إثر قول الشاعر: أين الأحبة يا أبي أو ما دروا ** أنا إلى ساح الفناء نقاد كل الكلمات كان لها معنى، أو لنقل حالة جاهزة من التأثر. فقط هناك مايشبه مستقبلات الكلام فتوجه كل كلمة إلى مستودعها من المشاعر، فما الذي جرى؟! لا، لم آت هنا الآن لكي أشكي هما، أو أنشج. إنما لأحاول التشريح قدرالإمكان عما كان، وعما هو الآن فلعلي ...

ميراث الصمت والملكوت

 قرأت للكاتب منذ سنوات مقالة "بئس هذا الناس" وهي من النصوص القليلة التي ظلت بالذهن لفترات طويلة، ثم سمعت عنه كثيرا فيما بعد، وعن قلة ماينشره رغم مايبدو من براعة نصه، ووجود مايمكنه قوله. وهذا أشد ما يجذبني في كاتب. الكتاب جميل، ورغم أني لست بنفس الانبهار القديم عند قراءة المقالة مرة أخرى، إلا أني أمام قارئ من العيار الثقيل. وهذا أكثر ما قد يعبجني في أحد. لدي حلم واحد فقط في الحقيقة، وكثيرا ما أقول من أين أبدأ به؟ ووجدت مثيلا لهذا الحلم بالكتاب، كما أن من الجمل المميزة التي علقت بذهني من الكتاب هي: أول خطوات تنفيذ الحلم هو أن تستيقظ منه. ومن المفارقات اللطيفة أن الكاتب تعرض لفكرة المفارقات هذه بإحدى المقالات. قرأت الكتاب باتفاق مع بعض الأصدقاء كقراءة جماعية، لكني  جائع للقراءة، وللهروب من واقع حياتي الحالي. سأسألهم عن الرأي طبعا، لكن لا أظن الكاتب ترك مجالا لهكذا فكرة. فهو طارح لأفكار وخواطر عديدة، تحير من يريد أن يحلل. سأتجه لمتابعة إنتاجه إن شاء الله. وإلى رحلة أخرى.
أود أكثر من أي وقت مضى أن أقول أشياء كثيرة. ربما لاتعني أي شيء على الإطلاق لغيري، لكن الرغبات لا تحاكم ولا تصادر. مثلا أود الآن أن أخبر العالم بأسره أني أحبُ الليلَ ولا أحب الأرق. وأرغب بالخلود ولا أحب الناس ولا التقدم في السن. ربما أيضا أهمس في أذن المليارات بأنني أقنع بالقليل، قد أتصور أنه ثمة أذن كبيرة بحجم جزيرة أتحدث عبرها مرة واحدة وحسب. هذا يبدو سهلا حقا. إنه يشبه أن تكن أحد هؤلاء الذين يظنون أن بإمكانهم التحدث إلى أي أحد بأي وقت.. حتى أنه يخيل إلى البعض منهم أنه إله. لا يهم.. ملحوظة: من الأفضل ياصديقي الساهر اختيارا أو مرغما أن تعيد قراءة كلماتي مرة أخرى بسرعة كتابتها.. كأنك من تكتبها فتقرأها على مهل، ثم تضع حالتك الشعورية مع الكلمات، فيساعدك همسك وشهيقك وزفيرك، وعندئذ نكون قد اشتركنا في شيء لا أحد يدري متى بالضبط سيحدث هذا الأمر ثانية! هيا، اذهب ثم عد.. لما لم تفعل؟ هيا، لن يطير بقية كلامي، ثم إنه كلام عادي جدا على أية حال.. لدي رغبة جديد الآن.. وهي أن أسبح مع ذئبي المشتهى بين الكواكب، ثم نستقر على كوكب مناسب به احتياجاته منفصلة عن احتياجاتي حتى لانضطر إلى ممارسة نظريات الأرض ...