التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تذكرَ ليلى، وتذكرتُ روايتي.

 


كان بالوتر حزن كالعادة، وكنت أرقب الساعات لاأريدها أنا تنقضي. إنني رجل مسالم يخشى قابل الأيام من قليل ماحدث في ماضيه القريب. بجانب الوتر امرأة تنوح. تجاريه، أو أنه هو الذي يجاريها ! في الوتر سر لم أعرفه بعد. سمعت مافعله به فريد وعبد الوهاب وعرب وعجم ولازلتُ أقف عند سماعه كمجنون بشعر مجنون ليلى ! واسم ليلى موسيقي بطريقة مدهشة. ذات مرة أعددت فكرة رواية بأن باحثًا نقب في التراث والدراسات ليثبت أنه لا قيس هناك ولا ليلى، وكان سيجعل من قصيدة قيس "المؤنسة" عناوين فصوله فيبدأ بـ: تذكرت ليلى والسنين الخواليا وأيامَ لا نخشى علي اللهو ناهيا ويختمها بـ: خليلي إن ضنوا بليلى فقربا ليَّ النعش والأكفان واستغفرا ليا لم أكمل. أصلًا لما أكمل؟ لو أكملت لجننت وباحثي. والعالم أحمق لا يعرف أن جنوننا المنتظر هو العقل بعينه. تطيب الحياة لمن لايبالي. الآن عرفت لما لاتطيب لي. أنا أبالي بكِ بخطوك، وبمواطن ذكركِ، واسمك الموسيقي، وتلك النظرة، وذاك الدلال، وضربك الوتر في حفل ضم من الناس جمعًا كأنهم حاشية وهامش على متن آهات ونغم وسحر دفين. علامات تركيزي وإنتباهي تتلاقي مع القهوة والموسيقى والحفلات القديمة. أما أن تأتي دون حضور لأي من ذلك فهذا غريب ! بالأمس رسمت صورة لي في مخيلتي أمسك فيها بغليون، وأجلس محدقًا في مسرح عليه كرسي قديم وخلفية صوتية من عود لعازف من أذربيجان سمعته مرة، ثم تخرجين سائرة بين البطء والسرعة حتى تصلين إلى الكرسي وعندما تمسكين به، يتبدل العزف ليأتي من ناي لرجل من صعيد مصر مع همس بسيط لقول: ياليل ياليل. فترفعين يدك وتنظرين لكل الجمهور عداي وتقولين: كلانا مظهر للناس بغضا وكل عند صاحبه مكين مضيتُ من حلمي مؤكدًا لنفسي أن تلك النظرة التي لم تأتي هي النظرة الوحيدة الصادقة المرادة وببلاغة مزعومة قلت: الجهة التي لا تنظر المرأة إليها هي الجهة الوحيدة المرادة، ولأن العناد في الطبع غالب فهي تخالف قلبها. ورحتُ أبحث عن مكان أشتري من غليونًا، وفكرت أن أجعلها تغني: time to say good by بعد بيت الشعر، وأيضًا فكرت مرة أخرى في اسم للباحث الذي غرق في مؤنسة قيس !

*نشرت المرة الأولى في     12 سبتمبر 2018*

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجمال في كل شيء.

 "الليل الليل، ودقة الساعات تصحي الليل" أدندن بالصفير مقلدا اللحن لمقطع من فات الميعاد، ثم أدير القائمة بشكل عشوائي فيأتي المقطع نفسه الذي أقلد من بين مقاطع عديدة. ربما ذلك فيما قبل كان ليكون مطلع نداء وحداء، أو ليلة نكتب فيها ألف كلمة وكلمة ثم لانكون قد قلنا مما يجول بصدورنا إلا كلمة.. فمن للألف يجلبها؟! هل تجلبها قصيدتكِ المحبوسة بصدرك وبصندوق بريدي؟ أم تأوهات كل الأهل بين القصف والحتف؟ تقول السيدة الآن: وهات لي قلب، لا داب ولاحب، ولا انجرح ولا شاف حرمان.  كان لهذا المعنى أثر فيما مضى، ولا أعني منذ سنوات عديدة او أشهر مديدة. بل لعله الأمس أو قبل الأمس بعام أو شهيق إثر قافية نسيب: فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ** ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ أو زفير إثر قول الشاعر: أين الأحبة يا أبي أو ما دروا ** أنا إلى ساح الفناء نقاد كل الكلمات كان لها معنى، أو لنقل حالة جاهزة من التأثر. فقط هناك مايشبه مستقبلات الكلام فتوجه كل كلمة إلى مستودعها من المشاعر، فما الذي جرى؟! لا، لم آت هنا الآن لكي أشكي هما، أو أنشج. إنما لأحاول التشريح قدرالإمكان عما كان، وعما هو الآن فلعلي ...

ميراث الصمت والملكوت

 قرأت للكاتب منذ سنوات مقالة "بئس هذا الناس" وهي من النصوص القليلة التي ظلت بالذهن لفترات طويلة، ثم سمعت عنه كثيرا فيما بعد، وعن قلة ماينشره رغم مايبدو من براعة نصه، ووجود مايمكنه قوله. وهذا أشد ما يجذبني في كاتب. الكتاب جميل، ورغم أني لست بنفس الانبهار القديم عند قراءة المقالة مرة أخرى، إلا أني أمام قارئ من العيار الثقيل. وهذا أكثر ما قد يعبجني في أحد. لدي حلم واحد فقط في الحقيقة، وكثيرا ما أقول من أين أبدأ به؟ ووجدت مثيلا لهذا الحلم بالكتاب، كما أن من الجمل المميزة التي علقت بذهني من الكتاب هي: أول خطوات تنفيذ الحلم هو أن تستيقظ منه. ومن المفارقات اللطيفة أن الكاتب تعرض لفكرة المفارقات هذه بإحدى المقالات. قرأت الكتاب باتفاق مع بعض الأصدقاء كقراءة جماعية، لكني  جائع للقراءة، وللهروب من واقع حياتي الحالي. سأسألهم عن الرأي طبعا، لكن لا أظن الكاتب ترك مجالا لهكذا فكرة. فهو طارح لأفكار وخواطر عديدة، تحير من يريد أن يحلل. سأتجه لمتابعة إنتاجه إن شاء الله. وإلى رحلة أخرى.
أود أكثر من أي وقت مضى أن أقول أشياء كثيرة. ربما لاتعني أي شيء على الإطلاق لغيري، لكن الرغبات لا تحاكم ولا تصادر. مثلا أود الآن أن أخبر العالم بأسره أني أحبُ الليلَ ولا أحب الأرق. وأرغب بالخلود ولا أحب الناس ولا التقدم في السن. ربما أيضا أهمس في أذن المليارات بأنني أقنع بالقليل، قد أتصور أنه ثمة أذن كبيرة بحجم جزيرة أتحدث عبرها مرة واحدة وحسب. هذا يبدو سهلا حقا. إنه يشبه أن تكن أحد هؤلاء الذين يظنون أن بإمكانهم التحدث إلى أي أحد بأي وقت.. حتى أنه يخيل إلى البعض منهم أنه إله. لا يهم.. ملحوظة: من الأفضل ياصديقي الساهر اختيارا أو مرغما أن تعيد قراءة كلماتي مرة أخرى بسرعة كتابتها.. كأنك من تكتبها فتقرأها على مهل، ثم تضع حالتك الشعورية مع الكلمات، فيساعدك همسك وشهيقك وزفيرك، وعندئذ نكون قد اشتركنا في شيء لا أحد يدري متى بالضبط سيحدث هذا الأمر ثانية! هيا، اذهب ثم عد.. لما لم تفعل؟ هيا، لن يطير بقية كلامي، ثم إنه كلام عادي جدا على أية حال.. لدي رغبة جديد الآن.. وهي أن أسبح مع ذئبي المشتهى بين الكواكب، ثم نستقر على كوكب مناسب به احتياجاته منفصلة عن احتياجاتي حتى لانضطر إلى ممارسة نظريات الأرض ...