مرحبا.
أنا مصطفى، تغالبني رغبات وكلمات عن المسائل والأحداث، وتعليقات عن الناس وتعليقات الناس. ثم غلبتني حتى أجدني منصاعا لها ومالكًا لتك الجرأة التي تورد الرجل هلاكه أو سلامته.
والجرأة على الكلام لا يلملكها إلا اثنين، شجاع، أو أحمق. وأنا كما عرفت نفسي وعرفتني مواطن الإقدام لستُ شجاعا. فيا تعس مصطفى.
بالمناسبة: أي الرجلين أنت؟!
كلما هبت ريح محملة برأي قد نضج ويجب أن يقابل بالتجربة والرد عليه، أعود فأنكمش وأكتفي بالتدافع داخلي، خشية ما أجد.
من مدة وجدت الرجل له باع من اطلاع وعلم وكلام يجيزه في أعين الناس ويضعه في منزل المستشار، إلا أنه فجأة تعرض لمسألة فيها ألف ألف احتمال، فتركها كلها وأخذ أسوأ مايفهم، ثم عرض رأيه مطعما إياه بكلمات براقة يفهم أنها لرفع الرأي إلى نزلة البيان، لكنها كانت كعلامات الحمق..!
في مشهد من مسلسل "عمر" ثمة حوار بديع ببيت سهيل بن عمرو، بينه وأولاده. يقول له ولده عبد الله مامعناه: إن الفصاحة إما أن تكون لك، وإما أن تكون عليك.
أخبرتكم بأني لست شجاعا. وإلا فما يمنعني الآن من قول ما يفتعل داخلي؟
في الحقيقة الأفضل أن أقول: ما الذي يمنعني حتى الآن من قول كل ما أريدن وما يجب قوله؟!
أحقا ما أردده بين حين وآخر من أن المرء ليس مطالبا بالرأي والقول فيما يعرض أمامه؛ هو الصواب؟! ألا يتسق مع الحال أن يكون هذا الادعاء هو هرب من التدافع، وجبن عن المواجهة؟!
مثلا الآن يتزين لي رأي. أستحسنه وأكاد أسجله بدفتري شبه الفارع وأوثقه بتاريخ وتوقيت..! رأي يريح نفسي الكسولة والمترددة، فتصبح حكيمة وحذرة.
أعرف أن الكلام لن يفهمه أحد تماما على وجهه الذي أقصده، لأنه في معظم حديث نفس، وله شواهد ومواقف تدل عليه وتعضده، إلا أني لم أذكره. ولعلك يا من وصلت لهذا النقطة عرفت لم امتنعت عن ذكره. لذا، تزين لي نفسي هذا الأمر: ألا تتوقف عن الناس وتتمنع عنهم؟!
فيا ضيعة حياة الرجل إن كانت هذه هي نفسه.
مرحبا. أنا مصطفى، ولكم أود أن أقول فقط ما أريد.
تعليقات
إرسال تعليق