التخطي إلى المحتوى الرئيسي

 مرحبا.

أنا الآن أعزف على لوحة المفاتيح. ولتقريب الصورة فأشبه ذلك الذي يكتب على أصابع البيانو.

أنا أعرف هذه الحال التي أنا عليها. لقد أتتني منذ سنوات ست. الأمر على التقريب للأصدقاء القدامى. ولا أدري أكانت أيام خير، أم كان تحت رمادها رضيع للغضب فكبر الآن وبدأ يتخذ مجلسا ويصدر صوتا..!


ولأن الأيام تغيرت، والناس تبدل حالهم، ومضى كثير من الأحبة في طرق تتباعد عن طريقي. وأنا كما أنا على نفس الطريق. أسير فيها دون ملل وبصبر أيوب. فلهذه الاعتبارات أولًا أراني لا يجب أن أسلك نفس السلوك القديم. فلا أكتب كثيرا ولا أخبر أحدا عن بيت الشعر الذي يبكيني، ولا القصيدة التي تؤرقني. فأي امرؤ الآن ولو فهم الكلام وصدقه سيهتم بأن غريبا لا يبكي إلا في خلوة لسماع آية، أو أبيات الغزل في مقدمات قصائد البردة، ويذوب مع المؤنسة ويرق لها؟!

قد يعتبره البعض ذو جنة لو زاد من الخبر عن الصديق الغائب، والغريبة التي مدحت يدا كتبت كلمة، والكتب التي قرأها فزرعت فيه الشوق والشوك..!


هامش/ من لا يمكنه أن يرق للبيت:

لولا الهوى لم ترق دمعاً على طللٍ 

ولا أرقت لذكر البانِ والعلــــــــــمِ


أمضي منذ أيام أنقب الصفحات، وأفتش بين الناس دون أن يعرفوا، وأفتح الدفاتر القديمة لهم ولي، لعلي أجد طرفا من حديث يعيد لي لحظة مشتهاة، أو أملا منسيا، أو حكاية حلوة، ونكتة لطيفة. لا أمل في الجديد على مايبدو. أو بجملة أكثر تفاؤلا: الأمل في الجديد يأتي من شيء قديم.


على ذكر النقر والكتابة على البيانو ولوحة المفاتيح، فدائما ما أستحضر صورة لعازفين عندما يبدأ مجلسي. واحد مع نسمات الصبح على شاطئ بحر، وآخر من إحدى المسابقات. العامل المشترك بيننا جميعا هو أنهما عند أكثر لحظة يرتقيا فيها يغمضا أعينهما، وهذا نفس السلوك الذي أصنعه بشكل تلقائي عندما أصل للنقطة التي أتمنى أن تدوم للأبد..!


هامش آخر/ من لا يمكنه أن يقع تحت تأثير البيت:

خَليلَيَّ إِن لا تَبكِيانِيَ أَلتَمِس

خَليلاً إِذا أَنزَفتُ دَمعي بَكى لِيا


إنني لتذكر الكلمات والأبيات لا أستطيع أن أستحضر شيئا أقوله بعد..! فكيف أصنع ولم أقل بعد أي شيء مما أرقني ودفعني للحديث؟!!

هل سأظل في التنقيب بالصفحات والدفاتر القديمة؟

أم أنها مللتني كما مللت نفسي؟!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجمال في كل شيء.

 "الليل الليل، ودقة الساعات تصحي الليل" أدندن بالصفير مقلدا اللحن لمقطع من فات الميعاد، ثم أدير القائمة بشكل عشوائي فيأتي المقطع نفسه الذي أقلد من بين مقاطع عديدة. ربما ذلك فيما قبل كان ليكون مطلع نداء وحداء، أو ليلة نكتب فيها ألف كلمة وكلمة ثم لانكون قد قلنا مما يجول بصدورنا إلا كلمة.. فمن للألف يجلبها؟! هل تجلبها قصيدتكِ المحبوسة بصدرك وبصندوق بريدي؟ أم تأوهات كل الأهل بين القصف والحتف؟ تقول السيدة الآن: وهات لي قلب، لا داب ولاحب، ولا انجرح ولا شاف حرمان.  كان لهذا المعنى أثر فيما مضى، ولا أعني منذ سنوات عديدة او أشهر مديدة. بل لعله الأمس أو قبل الأمس بعام أو شهيق إثر قافية نسيب: فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ** ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ أو زفير إثر قول الشاعر: أين الأحبة يا أبي أو ما دروا ** أنا إلى ساح الفناء نقاد كل الكلمات كان لها معنى، أو لنقل حالة جاهزة من التأثر. فقط هناك مايشبه مستقبلات الكلام فتوجه كل كلمة إلى مستودعها من المشاعر، فما الذي جرى؟! لا، لم آت هنا الآن لكي أشكي هما، أو أنشج. إنما لأحاول التشريح قدرالإمكان عما كان، وعما هو الآن فلعلي ...

ميراث الصمت والملكوت

 قرأت للكاتب منذ سنوات مقالة "بئس هذا الناس" وهي من النصوص القليلة التي ظلت بالذهن لفترات طويلة، ثم سمعت عنه كثيرا فيما بعد، وعن قلة ماينشره رغم مايبدو من براعة نصه، ووجود مايمكنه قوله. وهذا أشد ما يجذبني في كاتب. الكتاب جميل، ورغم أني لست بنفس الانبهار القديم عند قراءة المقالة مرة أخرى، إلا أني أمام قارئ من العيار الثقيل. وهذا أكثر ما قد يعبجني في أحد. لدي حلم واحد فقط في الحقيقة، وكثيرا ما أقول من أين أبدأ به؟ ووجدت مثيلا لهذا الحلم بالكتاب، كما أن من الجمل المميزة التي علقت بذهني من الكتاب هي: أول خطوات تنفيذ الحلم هو أن تستيقظ منه. ومن المفارقات اللطيفة أن الكاتب تعرض لفكرة المفارقات هذه بإحدى المقالات. قرأت الكتاب باتفاق مع بعض الأصدقاء كقراءة جماعية، لكني  جائع للقراءة، وللهروب من واقع حياتي الحالي. سأسألهم عن الرأي طبعا، لكن لا أظن الكاتب ترك مجالا لهكذا فكرة. فهو طارح لأفكار وخواطر عديدة، تحير من يريد أن يحلل. سأتجه لمتابعة إنتاجه إن شاء الله. وإلى رحلة أخرى.
أود أكثر من أي وقت مضى أن أقول أشياء كثيرة. ربما لاتعني أي شيء على الإطلاق لغيري، لكن الرغبات لا تحاكم ولا تصادر. مثلا أود الآن أن أخبر العالم بأسره أني أحبُ الليلَ ولا أحب الأرق. وأرغب بالخلود ولا أحب الناس ولا التقدم في السن. ربما أيضا أهمس في أذن المليارات بأنني أقنع بالقليل، قد أتصور أنه ثمة أذن كبيرة بحجم جزيرة أتحدث عبرها مرة واحدة وحسب. هذا يبدو سهلا حقا. إنه يشبه أن تكن أحد هؤلاء الذين يظنون أن بإمكانهم التحدث إلى أي أحد بأي وقت.. حتى أنه يخيل إلى البعض منهم أنه إله. لا يهم.. ملحوظة: من الأفضل ياصديقي الساهر اختيارا أو مرغما أن تعيد قراءة كلماتي مرة أخرى بسرعة كتابتها.. كأنك من تكتبها فتقرأها على مهل، ثم تضع حالتك الشعورية مع الكلمات، فيساعدك همسك وشهيقك وزفيرك، وعندئذ نكون قد اشتركنا في شيء لا أحد يدري متى بالضبط سيحدث هذا الأمر ثانية! هيا، اذهب ثم عد.. لما لم تفعل؟ هيا، لن يطير بقية كلامي، ثم إنه كلام عادي جدا على أية حال.. لدي رغبة جديد الآن.. وهي أن أسبح مع ذئبي المشتهى بين الكواكب، ثم نستقر على كوكب مناسب به احتياجاته منفصلة عن احتياجاتي حتى لانضطر إلى ممارسة نظريات الأرض ...