(1)
مساء الخير يا أصدقاء ..
أنا لست عظيمًا أو رائعًا كما يتخيل زميلي بالعمل حينما أتحدث معه بالفصحى أو أرد عليه في حوار ما بقول مأثور او بيت شعر أو بجملة ذُكرت على لسان أحد ما في كتاب ما. أنا عادي جدًا، بل أقل من ذلك. مثلًا لم أتعلم السباحة، ولاركوب الدراجات في صغري، ولم أغازل فتاة، ولم أتعلق بواحدة. ماعدا ذلك كل شيء طبيعي. مثلكم تمامًا، أقترب من الثلاثين ولست مميزًا في شيء، ولم أجني الكثير من الأموال، وأسناني تؤلمني، وأتعرض لنزلات برد في أول الشتاء وأول الصيف، وآكل مرة واحدة على الأقل من الشارع كل يومين، وأحب المقاطع المختارة من التسجيلات، ولي أسراري الشخصية، وأحكامي على الأشياء التي لايعرف عنها الكثير. أتحدث إلى نفسي بين الناس، وألتقط فتات الحديث المتساقط من المارة في الطرق والمتنزهات وعبر الهواتف، وأسجل كل الملاحظات وأخزنها، همسات الناس، ونظراتهم، ومشية العذراوات، وصياح الشباب، والملابس المعلقة في الشرفات، والشرفات التي أدخلها أصحابها في الشقة لغرض توسيع الداخل، والإستغناء عن الخارج.
متعب.
وحينما ذهبت للطبيب، قال عليك أن تكف عن القهوة والقراءة، ولاتنزل إلى الشارع، ولاتختلط بالناس، ما استطعت. قلت: حسنًا، وستنتفي رغبتي في النهوض خلال أسابيع، وربما يلتوي جذعي، وأحاول المشي أطول وقت ممكن، ثم تلفني رياح المغيب، وأصبح كالملاح التائه ! قال: ماذا؟ قلت: لاعليك، إنه تداخل لمقطع من رواية، وعناوين دواوين شعر.
(2)
لقد أفشيت سرًا. أخبرتُ صديقي أنه المعني حينما أكتب عن ضجيج الأفكار داخلي. نعم، حينما أتكلم عن الصداع الذي يحدثه التفكير، أتكلم عنه، لا عني. أنا مجرد ثرثار تافه لا يملك الأفكار ولديه حاسوب ويهتم بالتفاصيل حوله، ويكتب بطريقة يدعي أصدقاؤه أنها جيدة.
ربما عليكم ألا تصدقوني. فقد كذبت في الأولى، ومن كذب مرة، يفعلها ثانية.
تعليقات
إرسال تعليق