التخطي إلى المحتوى الرئيسي

 مرحبًا،

أظن أن الحب لا تعريف له، وأن لكل حال حالها.
تنويه: الجملة السابقة محاولة للتنظير ليس إلا.
في المبتدأ أذكر الله، وفي غناء أهل مصر الشعبي يقولون: في المبتدا دون همزة وبالتالي فبلا سكون .. بألف مفتوحة فيكون المبتدا لا نهاية له. وأنا في مبتدا ليلتي تناولتُ حبة بانادول. أسكنتُ بها تفكيرًا يأكل رأسي، وذكريات تود أن تستيقظ، وأحاديث وحدة وخيالات لا تمل من تكرار نفسها.
كنتُ سأقول: رأسي تصبح حصالة للبانادول، لكن اللفظ ليس لي. شيء ما داخلي ينبهني أنني قراته مرتين بالضبط. إحداهما مؤخرًا، والأخرى لها وميض بسيط في الذاكرة. تمتلأ رأسي بالأيات والأحاديث والأقوال والأشعار .. لا أذكر الشيء كاملًا قائمًا بذاته .. كل شيء مفتت إلى قطع صغيرة، وكلها تشكل عالمًا كبيرًا جدًا وضخمًا جدًا سيكن الأمر معجزة لو استطعتُ منها بناء أغنية أو جدارًا لكوخ مهجور !
تغني امرأة:
وقد نكون وما يخشى تفرقنا،
واليوم نحن وما يرجى تلاقينا
فأعيد الأغنية مرارًا وفي كل مرة أغيب بعد البيت بالأعلى. أغيبُ في عوالم لها رائحة الورد، وصوت درويش وهو يلقي قصيدة: وحدك، وأصوات من الطبيعة تنسي.
في الدراسة قال مدرس الأدب أن هذه تعد من أفضل ما قيل في الرثاء. ومنذ أن قرأت القصيدة في المرة الأولى وأنا أعتقد أن ابن زيدون لم يجتهد لنظمها .. بل خرجت منه منسابة كماء شلال!
أضحى التنائي بديلًا من تدانينا ** وناب عن طيب لقيانا تجافينا
هذا قول رجل شعر بالفقد فقال بعض ما شعر به.
وإن أحدًا يقول مثل:
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا ** شوقًا إليكم ولا جفت مآقينا
لهو رجل صمت طويلًا حتى ضاق صدره وانطلق لسانه.
،،
عند تناولي المسكن لآخر مرة قبل العيد استقرت برأسي أبيات مترجمة لا أعتقد أني حفظتها .. ربما أكن قد حددتُ أمامها فقط خطًا بقلمي الرصاص. كانت تقول:
ولكن حتى يسودَ العقلُ من جديد
ويؤتى بأعماله ثانيةً للنور
تبقى عديدة في ظلام المخازن
تقصي عنها الديدان والأتربة.
فلندعها تتصارع في هدوء دون أن نشرد معها،
ولنسعى إلى غاياتنا.
هي من أبيات عن فن الشعر وعن الكتابة. احتجتُ الرجوع إلى الكتاب لأراجع لفظًا او اثنين.
هكذا يا أصدقاء.. كل صداع أو ألم تحضرني الكلمات معه. سواء قلتُها أنا (رغيًا) أو نقلتها من محفوظ قليل يتلاشى سريعًا سريعًا ..
لا أحفظ للأسف. ذاكرتي مثقوبة. ألوم نفسي كثيرًا على أرشيف الرسائل الذي لا أملكه!
أعود أحيانًا بخيالي إلى حوار قديم حين حاجة فأنسى أي جملة أتت قبل أختها، وأي رد كان على أي سؤال ..!
يقول درويش في القصيدة المشار إليها بالأعلى:
ليس لاسمك
أو لوجهك هاهنا عمل ضروريٌ.
تكون كما تكون ... فلا صديق ولا عدو
يراقب هنا ذكرياتك
فالتمس عذرا لمن تركتك في المقهى
لأنك لم تلاحظ قَصَّة الشَّعر الجديدة
والفراشات التي رقصت علي غمازتيها،
والتمس عذراً لمن طلب اغتيالك،
ذات يوم، لا لشيء... بل لأنك لم
تمت يوم ارتطمت بنجمة.. وكتبت
أولى الأغنيات بحبرها...
،،
وقال أبو فراس لفاتنة الحي حينما سألته من أنت؟ :
قَتِيلُكِ ! فاتنته لم تكتف بمقتول صاحب معجزة، وهل توازي معجزة الكلام عند قتيل الهوى مثلها عند غيره؟ قالت له: أيهم؟ فهم كثر !
،،
طيب، سأتناول حبة أخرى منه، وحتى يكون نهوضي بلا عودة سأكتفي بهذا الفتات بالأعلى، فلعلكم تعرفون كيف أنا من الداخل!
- ما الفائدة؟
صحيح، ما الفائدة من معرفتكم بهذا؟ لما أخبركم بالأمر؟
لا أعرف تحديدًا، لكن ربما ذلك من قبيل مزاحمة لأناس خلدتهم الكلمات كما حلمتُ يومًا لنفسي !
أقول ربما، لكني يقينًا لا أدري. لا أدري أي شيء على الإطلاق !

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجمال في كل شيء.

 "الليل الليل، ودقة الساعات تصحي الليل" أدندن بالصفير مقلدا اللحن لمقطع من فات الميعاد، ثم أدير القائمة بشكل عشوائي فيأتي المقطع نفسه الذي أقلد من بين مقاطع عديدة. ربما ذلك فيما قبل كان ليكون مطلع نداء وحداء، أو ليلة نكتب فيها ألف كلمة وكلمة ثم لانكون قد قلنا مما يجول بصدورنا إلا كلمة.. فمن للألف يجلبها؟! هل تجلبها قصيدتكِ المحبوسة بصدرك وبصندوق بريدي؟ أم تأوهات كل الأهل بين القصف والحتف؟ تقول السيدة الآن: وهات لي قلب، لا داب ولاحب، ولا انجرح ولا شاف حرمان.  كان لهذا المعنى أثر فيما مضى، ولا أعني منذ سنوات عديدة او أشهر مديدة. بل لعله الأمس أو قبل الأمس بعام أو شهيق إثر قافية نسيب: فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ** ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ أو زفير إثر قول الشاعر: أين الأحبة يا أبي أو ما دروا ** أنا إلى ساح الفناء نقاد كل الكلمات كان لها معنى، أو لنقل حالة جاهزة من التأثر. فقط هناك مايشبه مستقبلات الكلام فتوجه كل كلمة إلى مستودعها من المشاعر، فما الذي جرى؟! لا، لم آت هنا الآن لكي أشكي هما، أو أنشج. إنما لأحاول التشريح قدرالإمكان عما كان، وعما هو الآن فلعلي ...

ميراث الصمت والملكوت

 قرأت للكاتب منذ سنوات مقالة "بئس هذا الناس" وهي من النصوص القليلة التي ظلت بالذهن لفترات طويلة، ثم سمعت عنه كثيرا فيما بعد، وعن قلة ماينشره رغم مايبدو من براعة نصه، ووجود مايمكنه قوله. وهذا أشد ما يجذبني في كاتب. الكتاب جميل، ورغم أني لست بنفس الانبهار القديم عند قراءة المقالة مرة أخرى، إلا أني أمام قارئ من العيار الثقيل. وهذا أكثر ما قد يعبجني في أحد. لدي حلم واحد فقط في الحقيقة، وكثيرا ما أقول من أين أبدأ به؟ ووجدت مثيلا لهذا الحلم بالكتاب، كما أن من الجمل المميزة التي علقت بذهني من الكتاب هي: أول خطوات تنفيذ الحلم هو أن تستيقظ منه. ومن المفارقات اللطيفة أن الكاتب تعرض لفكرة المفارقات هذه بإحدى المقالات. قرأت الكتاب باتفاق مع بعض الأصدقاء كقراءة جماعية، لكني  جائع للقراءة، وللهروب من واقع حياتي الحالي. سأسألهم عن الرأي طبعا، لكن لا أظن الكاتب ترك مجالا لهكذا فكرة. فهو طارح لأفكار وخواطر عديدة، تحير من يريد أن يحلل. سأتجه لمتابعة إنتاجه إن شاء الله. وإلى رحلة أخرى.
أود أكثر من أي وقت مضى أن أقول أشياء كثيرة. ربما لاتعني أي شيء على الإطلاق لغيري، لكن الرغبات لا تحاكم ولا تصادر. مثلا أود الآن أن أخبر العالم بأسره أني أحبُ الليلَ ولا أحب الأرق. وأرغب بالخلود ولا أحب الناس ولا التقدم في السن. ربما أيضا أهمس في أذن المليارات بأنني أقنع بالقليل، قد أتصور أنه ثمة أذن كبيرة بحجم جزيرة أتحدث عبرها مرة واحدة وحسب. هذا يبدو سهلا حقا. إنه يشبه أن تكن أحد هؤلاء الذين يظنون أن بإمكانهم التحدث إلى أي أحد بأي وقت.. حتى أنه يخيل إلى البعض منهم أنه إله. لا يهم.. ملحوظة: من الأفضل ياصديقي الساهر اختيارا أو مرغما أن تعيد قراءة كلماتي مرة أخرى بسرعة كتابتها.. كأنك من تكتبها فتقرأها على مهل، ثم تضع حالتك الشعورية مع الكلمات، فيساعدك همسك وشهيقك وزفيرك، وعندئذ نكون قد اشتركنا في شيء لا أحد يدري متى بالضبط سيحدث هذا الأمر ثانية! هيا، اذهب ثم عد.. لما لم تفعل؟ هيا، لن يطير بقية كلامي، ثم إنه كلام عادي جدا على أية حال.. لدي رغبة جديد الآن.. وهي أن أسبح مع ذئبي المشتهى بين الكواكب، ثم نستقر على كوكب مناسب به احتياجاته منفصلة عن احتياجاتي حتى لانضطر إلى ممارسة نظريات الأرض ...