التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إلى كريم بركات 2

 كالعادة أخذتني رغبة الكتابة. لازلت لا أعرف بعد من أين تخرج هذه الرغبة بالضبط! كل ما هنالك أنني أشعر فجاة بأني أريد الكتابة.

لا أخفيكم بأن الأمر حينما يأتني بينما لاوسيلة للكتابة معي أكاد أصابُ بشيء من جنون!
الكتابة تصبح في ذروة الرغبة هي الوجود ذاته، وإعلان الوجود هي الفعل المستمر للبشر منذ الأزل. بداية بحوار الشجرة والقتل الأول حتى تطبيقات التيك توك والميوزيكالي!
يبدو أن الكثير منا لا يهمه أي صورة سيصبح عليها طالما سيعلن وجوده.
إنني حائر عني. لا أعرف بالضبط ما أريده؛ فهل أريد الوجود وإعلانه؟ أم إنني أفضل التواري والإنزواء في الخفاء حتى الموت.
لعلني أريد الإثنين معًا، ولعلي من نسل من كتبُ عليه التيه عبر الأزمان!
يقول درويش:
سيمتُ بإسمي مصادفةً،
وانتميتُ إلى عائلةٍ مصادفة،
وورثتُ ملامحها والصفات،
وأمراضها:
أولا: خللًا في شرايينها، وضغط دم مرتفع،
ثانيًا: خجلًا في مخاطبة الأمِ والأبِ والجدة الشجرة،
ثالثًا: أملًا في الشفاء من الانفلوانزا بفنجان بابونجٍ ساخن،
رابعًا: كسلًا في الحديث عن الظبي والقُبَّرة،
خامسًا: مللًا في ليالي الشتاء،
سادسًا: فشلًا فادحًا في الغناء.

مثله ورثت ما ورث، كما أني ورثتُ التيه من حيث لا أدري، أونني سا أورثه.
لدي رغبات عديدة، طفولية في نظر البعض وما إن يصرحوا برأيهم هذا حتى سأقطع علاقتي بهم. أود معرفة أسماء البعض، وأن أتعلم الرسم، ثم أرسم صورًا متخيلة لهؤلاء وأرسلها لهم، وأود أن أرى نفسي بعين الله، أو الملائكة المسجلة للأعمال، وأتساءل هل يعرفون نيتي؟ أود ان أعرف بالضبط كم عدد الذي سيكونون بجواري حين حاجة؟ رغم أني لا أحب إبداء التعاطف معي ولا أعرف لم!
أحيانًا أستغربني جدًا، أجدني أريد الشيء ونقيضه في آن واحد.
....
(بعد يوم)
إنني أشتاق للكتابة. أفتقدها جدًا، كما أفتقد القراءة. حتى أني أبكي لذلك. الكتابة هي الملاذ الوحيد للبوح والمساحات الشخصية. ساحة فعل المتخيل، وإبداء الرغبات وقتل الأوغاد وسب العالم، والحصول على المبتقى. أرض الأحلام المثالية .. تخيلًا وحقيقة!
لا أعرف كيف قضيت على نفسي بهذا الأمر وألزمت نفسي بالصمت؟ لكني مصاب بأزمة لا أستطيع الوقوف على حقيقتها. لم أعرفني بعد وهذا محير! لذا كان من الأولى لي .. لنفسي التي بين جنبي أن أقف عليها وأحاورها حتى نصل إلى صيغة مشتركة عن الحياة قبل أن نجد أنفسنا أمام الموت.
عالمي الحقيقي به بعض الغرابة، وربما الكثير!
في الحقيقة لم أنظر لنفسي يومًا ولا حتى ساعة أنني مجرد عابر ما! دائمًا ما نظرتُ لنفسي وتحدثنا عن كوني سأحدثُ أثرًا!
ما أن أعود لمساحات التواصل الإجتماعي الهشة إلا وأجد نفسي قد تخليتُ عن بعض القلق لبعض الوقت. أين الداء يا أنا؟ حتى أعرف أين الدواء؟ هل أعرف الإجابة على سؤال كهذا؟
طيب بلاش السؤال ده، ممكن حتى أعرف إجابة سؤال الست التي تسليني الآن: أين مني مجلس أنت به؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجمال في كل شيء.

 "الليل الليل، ودقة الساعات تصحي الليل" أدندن بالصفير مقلدا اللحن لمقطع من فات الميعاد، ثم أدير القائمة بشكل عشوائي فيأتي المقطع نفسه الذي أقلد من بين مقاطع عديدة. ربما ذلك فيما قبل كان ليكون مطلع نداء وحداء، أو ليلة نكتب فيها ألف كلمة وكلمة ثم لانكون قد قلنا مما يجول بصدورنا إلا كلمة.. فمن للألف يجلبها؟! هل تجلبها قصيدتكِ المحبوسة بصدرك وبصندوق بريدي؟ أم تأوهات كل الأهل بين القصف والحتف؟ تقول السيدة الآن: وهات لي قلب، لا داب ولاحب، ولا انجرح ولا شاف حرمان.  كان لهذا المعنى أثر فيما مضى، ولا أعني منذ سنوات عديدة او أشهر مديدة. بل لعله الأمس أو قبل الأمس بعام أو شهيق إثر قافية نسيب: فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ** ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ أو زفير إثر قول الشاعر: أين الأحبة يا أبي أو ما دروا ** أنا إلى ساح الفناء نقاد كل الكلمات كان لها معنى، أو لنقل حالة جاهزة من التأثر. فقط هناك مايشبه مستقبلات الكلام فتوجه كل كلمة إلى مستودعها من المشاعر، فما الذي جرى؟! لا، لم آت هنا الآن لكي أشكي هما، أو أنشج. إنما لأحاول التشريح قدرالإمكان عما كان، وعما هو الآن فلعلي ...

ميراث الصمت والملكوت

 قرأت للكاتب منذ سنوات مقالة "بئس هذا الناس" وهي من النصوص القليلة التي ظلت بالذهن لفترات طويلة، ثم سمعت عنه كثيرا فيما بعد، وعن قلة ماينشره رغم مايبدو من براعة نصه، ووجود مايمكنه قوله. وهذا أشد ما يجذبني في كاتب. الكتاب جميل، ورغم أني لست بنفس الانبهار القديم عند قراءة المقالة مرة أخرى، إلا أني أمام قارئ من العيار الثقيل. وهذا أكثر ما قد يعبجني في أحد. لدي حلم واحد فقط في الحقيقة، وكثيرا ما أقول من أين أبدأ به؟ ووجدت مثيلا لهذا الحلم بالكتاب، كما أن من الجمل المميزة التي علقت بذهني من الكتاب هي: أول خطوات تنفيذ الحلم هو أن تستيقظ منه. ومن المفارقات اللطيفة أن الكاتب تعرض لفكرة المفارقات هذه بإحدى المقالات. قرأت الكتاب باتفاق مع بعض الأصدقاء كقراءة جماعية، لكني  جائع للقراءة، وللهروب من واقع حياتي الحالي. سأسألهم عن الرأي طبعا، لكن لا أظن الكاتب ترك مجالا لهكذا فكرة. فهو طارح لأفكار وخواطر عديدة، تحير من يريد أن يحلل. سأتجه لمتابعة إنتاجه إن شاء الله. وإلى رحلة أخرى.
أود أكثر من أي وقت مضى أن أقول أشياء كثيرة. ربما لاتعني أي شيء على الإطلاق لغيري، لكن الرغبات لا تحاكم ولا تصادر. مثلا أود الآن أن أخبر العالم بأسره أني أحبُ الليلَ ولا أحب الأرق. وأرغب بالخلود ولا أحب الناس ولا التقدم في السن. ربما أيضا أهمس في أذن المليارات بأنني أقنع بالقليل، قد أتصور أنه ثمة أذن كبيرة بحجم جزيرة أتحدث عبرها مرة واحدة وحسب. هذا يبدو سهلا حقا. إنه يشبه أن تكن أحد هؤلاء الذين يظنون أن بإمكانهم التحدث إلى أي أحد بأي وقت.. حتى أنه يخيل إلى البعض منهم أنه إله. لا يهم.. ملحوظة: من الأفضل ياصديقي الساهر اختيارا أو مرغما أن تعيد قراءة كلماتي مرة أخرى بسرعة كتابتها.. كأنك من تكتبها فتقرأها على مهل، ثم تضع حالتك الشعورية مع الكلمات، فيساعدك همسك وشهيقك وزفيرك، وعندئذ نكون قد اشتركنا في شيء لا أحد يدري متى بالضبط سيحدث هذا الأمر ثانية! هيا، اذهب ثم عد.. لما لم تفعل؟ هيا، لن يطير بقية كلامي، ثم إنه كلام عادي جدا على أية حال.. لدي رغبة جديد الآن.. وهي أن أسبح مع ذئبي المشتهى بين الكواكب، ثم نستقر على كوكب مناسب به احتياجاته منفصلة عن احتياجاتي حتى لانضطر إلى ممارسة نظريات الأرض ...