التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إلى ‏كريم ‏بركات ‏١

صاحب هذه الكلمات مجنون فاحذروه، وقد أعذر من أنذر !
............
مرحبا يا صديقي ..
في صغرنا كنا نطلق إختصارا على من به جنة أن "الحالة" قد أتته. وبنفس الطريقة    يمكنني القول بأن الحالة الخاصة بي قد أتت. أنا لا أرتب للكتابة مطلقًا. انا أشعر بالرغبة فيها. تراودني. دائمًا ما أشبه الكتابة باللقاء الحميمي. تلك الرغبة المتبوعة بلطيف الفعل وخفيفه وتقديم الود ثم كل هذا العناق والحنين وإمتزاج الأرواح والأبدان ! هذه بالضبط هي حالتي الخاصة. 
طيب إن كان ثمة مؤثرات لتك الرغبة فما هي؟
هل أدركك الفقد من قبل؟ هل وسع قلبك للشمس، واستبدلتها بالظلمة؟ هل رأيت غصنا أخضر ودار الزمان دورته فراقبته في الخريف فظننت موته فاحتطبت به؟
يقولون أن عزيز مصر ليس كفراعينها، وأنه من عامة الناس، لكن ما الذي يقولونه عن عزيز القلب الذي تحول لآخر الفراعين، ثم استعبد وقطع الشوق والتوق من خلاف؟
أنا الآن بنصف عين، ورأسي ثقيلة لأني لم أنم بعد، كما أنني صباح اليوم ركبت سيارة أجرة مع سائق متجهم نسي كل الكلمات ماعدا صباح الخير يافندم، والتي اول ما تسمعها تفهم أنها: ياريت نخلص عشان أخلص من المشوار !
تقول السيدة الآن: "طول عمري بخاف من الحب، وسيرة الحب، وظلم الحب لكل أصحابه"
لايهمنا ماتقول بالطبع، فغناء مثل هذا هو ترانيم المدينة الفاضلة التي يلجأ أهلها للترويح عن نفسهم هناك بسماعها. نعم .. تلك الأغاني تعذبنا، وتجعلنا نفكر ونتخيل ونضع شخصًا مكان آخر، ونحذف هذا ثم نضع غيره، ونتخيل مثلًا بينما هي تقول: "لا أنا أد الشوق، ولا قلبي أد عذابه .. وقابلتك إنت لقيتك بتغير كل حياتي .." عندها تكون هذه أول مرة تسمع الأغنية وانت عائد من الجامعة، ثم تجلس بملل في السيارة، وتركب حسناء في المقابل بدلًا من الرجل الخمسيني المستسلم تماما لما يحدث له، فيتكرر اللقاء مرارًا، ثم تفرق الأيام بطبيعتها بين أي عابرين، وتجلس انت تتخيل لو استمرت اللقاءات او ابتدرت أنت الكلام لأي سبب .. وهكذا تزيد خيالاتك مع الأغاني التي ظننا أنها تسلينا بعض غصة. وطبعًا لم أذكرك بأغاني الوطن والنضال وارفع راسك ياوطن !
تلك مآسي، ومحفزات على الإنتحار لكل ذي لب ونفس، وأنت منهما !
لما اخترتك بالذات لأكتب أليك؟ لعلك تسألني !
سأجيبك: قررت بعدما قلق قلبي جدًا، وتزاجمت برأسي الأفكار، وروادتني الرغبة أن أفتح قوائم الإتصال وأختر أول صديق (اونلاين) من اهل القراءة والكتابة وسأحدثه، ثم كنت أنت، وقد كان آخر ما كتبته هنا أيضًا موجها لك !
*أنهت السيدة مقطعًا، وألح عليها الحضور بإعادة ماقالت: تاني ياست .. تاني ياست*
أصبحتُ أخافني ياكريم .. كلما شعرت بقرب فقد يحدث، وكلما اضطربت جدًا بالتفكير في المحيطين بي، يأتي الفقد عكس ما توقعت. صباح اليوم ماتت إحدى معارفنا .. وبالأمس كنتُ في حفل عرس. الأيام تدور وتتقلب، والمدينة تكبر وتكبر ولا أحد يفكر في أحد. فلان مات، هيا نحمله إلى القبر، وفلان يتزوج، إذن هيا نرفعه إلى الأعلى مرارا حتى يتعب، وفلانة أنجبت، هيا نذهب إلبه ونحمل المولود ونقبله ! ما الرمزية في أمر الحمل هذا؟
أخبرتك أنا عن هذا الشعور غالبًا في الرسالة السابقة ! ثم يبدو أنه علي في المرة القادمة عند حضوره أن أكتب قائمة بمن أعرف، وأكثر الفكر حولهم، وبهذا لن يمسهم شيء ! ما رأيك بهذه الحيلة؟! هل ستضلل ملك الموت؟

تلك كلماتي لك اليوم .. فارمها، أو انسخها واحرق الورقة، أو اقذفها في اليم، أو ول شطرك نحوها، أو تنغم بها، أو انشرها على الملأ وحدث الناس أن صاحب هذه الكلمات مجنون فاحذروه، وقد أعذر من أنذر !

تقول السيدة الآن: " شفت كتير وقليل .....
اللي بيشكي حاله لحاله، واللي بيبكي على مواله !

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجمال في كل شيء.

 "الليل الليل، ودقة الساعات تصحي الليل" أدندن بالصفير مقلدا اللحن لمقطع من فات الميعاد، ثم أدير القائمة بشكل عشوائي فيأتي المقطع نفسه الذي أقلد من بين مقاطع عديدة. ربما ذلك فيما قبل كان ليكون مطلع نداء وحداء، أو ليلة نكتب فيها ألف كلمة وكلمة ثم لانكون قد قلنا مما يجول بصدورنا إلا كلمة.. فمن للألف يجلبها؟! هل تجلبها قصيدتكِ المحبوسة بصدرك وبصندوق بريدي؟ أم تأوهات كل الأهل بين القصف والحتف؟ تقول السيدة الآن: وهات لي قلب، لا داب ولاحب، ولا انجرح ولا شاف حرمان.  كان لهذا المعنى أثر فيما مضى، ولا أعني منذ سنوات عديدة او أشهر مديدة. بل لعله الأمس أو قبل الأمس بعام أو شهيق إثر قافية نسيب: فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ** ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ أو زفير إثر قول الشاعر: أين الأحبة يا أبي أو ما دروا ** أنا إلى ساح الفناء نقاد كل الكلمات كان لها معنى، أو لنقل حالة جاهزة من التأثر. فقط هناك مايشبه مستقبلات الكلام فتوجه كل كلمة إلى مستودعها من المشاعر، فما الذي جرى؟! لا، لم آت هنا الآن لكي أشكي هما، أو أنشج. إنما لأحاول التشريح قدرالإمكان عما كان، وعما هو الآن فلعلي ...

ميراث الصمت والملكوت

 قرأت للكاتب منذ سنوات مقالة "بئس هذا الناس" وهي من النصوص القليلة التي ظلت بالذهن لفترات طويلة، ثم سمعت عنه كثيرا فيما بعد، وعن قلة ماينشره رغم مايبدو من براعة نصه، ووجود مايمكنه قوله. وهذا أشد ما يجذبني في كاتب. الكتاب جميل، ورغم أني لست بنفس الانبهار القديم عند قراءة المقالة مرة أخرى، إلا أني أمام قارئ من العيار الثقيل. وهذا أكثر ما قد يعبجني في أحد. لدي حلم واحد فقط في الحقيقة، وكثيرا ما أقول من أين أبدأ به؟ ووجدت مثيلا لهذا الحلم بالكتاب، كما أن من الجمل المميزة التي علقت بذهني من الكتاب هي: أول خطوات تنفيذ الحلم هو أن تستيقظ منه. ومن المفارقات اللطيفة أن الكاتب تعرض لفكرة المفارقات هذه بإحدى المقالات. قرأت الكتاب باتفاق مع بعض الأصدقاء كقراءة جماعية، لكني  جائع للقراءة، وللهروب من واقع حياتي الحالي. سأسألهم عن الرأي طبعا، لكن لا أظن الكاتب ترك مجالا لهكذا فكرة. فهو طارح لأفكار وخواطر عديدة، تحير من يريد أن يحلل. سأتجه لمتابعة إنتاجه إن شاء الله. وإلى رحلة أخرى.
أود أكثر من أي وقت مضى أن أقول أشياء كثيرة. ربما لاتعني أي شيء على الإطلاق لغيري، لكن الرغبات لا تحاكم ولا تصادر. مثلا أود الآن أن أخبر العالم بأسره أني أحبُ الليلَ ولا أحب الأرق. وأرغب بالخلود ولا أحب الناس ولا التقدم في السن. ربما أيضا أهمس في أذن المليارات بأنني أقنع بالقليل، قد أتصور أنه ثمة أذن كبيرة بحجم جزيرة أتحدث عبرها مرة واحدة وحسب. هذا يبدو سهلا حقا. إنه يشبه أن تكن أحد هؤلاء الذين يظنون أن بإمكانهم التحدث إلى أي أحد بأي وقت.. حتى أنه يخيل إلى البعض منهم أنه إله. لا يهم.. ملحوظة: من الأفضل ياصديقي الساهر اختيارا أو مرغما أن تعيد قراءة كلماتي مرة أخرى بسرعة كتابتها.. كأنك من تكتبها فتقرأها على مهل، ثم تضع حالتك الشعورية مع الكلمات، فيساعدك همسك وشهيقك وزفيرك، وعندئذ نكون قد اشتركنا في شيء لا أحد يدري متى بالضبط سيحدث هذا الأمر ثانية! هيا، اذهب ثم عد.. لما لم تفعل؟ هيا، لن يطير بقية كلامي، ثم إنه كلام عادي جدا على أية حال.. لدي رغبة جديد الآن.. وهي أن أسبح مع ذئبي المشتهى بين الكواكب، ثم نستقر على كوكب مناسب به احتياجاته منفصلة عن احتياجاتي حتى لانضطر إلى ممارسة نظريات الأرض ...