صاحب هذه الكلمات مجنون فاحذروه، وقد أعذر من أنذر !
............
مرحبا يا صديقي ..
في صغرنا كنا نطلق إختصارا على من به جنة أن "الحالة" قد أتته. وبنفس الطريقة يمكنني القول بأن الحالة الخاصة بي قد أتت. أنا لا أرتب للكتابة مطلقًا. انا أشعر بالرغبة فيها. تراودني. دائمًا ما أشبه الكتابة باللقاء الحميمي. تلك الرغبة المتبوعة بلطيف الفعل وخفيفه وتقديم الود ثم كل هذا العناق والحنين وإمتزاج الأرواح والأبدان ! هذه بالضبط هي حالتي الخاصة.
طيب إن كان ثمة مؤثرات لتك الرغبة فما هي؟
هل أدركك الفقد من قبل؟ هل وسع قلبك للشمس، واستبدلتها بالظلمة؟ هل رأيت غصنا أخضر ودار الزمان دورته فراقبته في الخريف فظننت موته فاحتطبت به؟
يقولون أن عزيز مصر ليس كفراعينها، وأنه من عامة الناس، لكن ما الذي يقولونه عن عزيز القلب الذي تحول لآخر الفراعين، ثم استعبد وقطع الشوق والتوق من خلاف؟
أنا الآن بنصف عين، ورأسي ثقيلة لأني لم أنم بعد، كما أنني صباح اليوم ركبت سيارة أجرة مع سائق متجهم نسي كل الكلمات ماعدا صباح الخير يافندم، والتي اول ما تسمعها تفهم أنها: ياريت نخلص عشان أخلص من المشوار !
تقول السيدة الآن: "طول عمري بخاف من الحب، وسيرة الحب، وظلم الحب لكل أصحابه"
لايهمنا ماتقول بالطبع، فغناء مثل هذا هو ترانيم المدينة الفاضلة التي يلجأ أهلها للترويح عن نفسهم هناك بسماعها. نعم .. تلك الأغاني تعذبنا، وتجعلنا نفكر ونتخيل ونضع شخصًا مكان آخر، ونحذف هذا ثم نضع غيره، ونتخيل مثلًا بينما هي تقول: "لا أنا أد الشوق، ولا قلبي أد عذابه .. وقابلتك إنت لقيتك بتغير كل حياتي .." عندها تكون هذه أول مرة تسمع الأغنية وانت عائد من الجامعة، ثم تجلس بملل في السيارة، وتركب حسناء في المقابل بدلًا من الرجل الخمسيني المستسلم تماما لما يحدث له، فيتكرر اللقاء مرارًا، ثم تفرق الأيام بطبيعتها بين أي عابرين، وتجلس انت تتخيل لو استمرت اللقاءات او ابتدرت أنت الكلام لأي سبب .. وهكذا تزيد خيالاتك مع الأغاني التي ظننا أنها تسلينا بعض غصة. وطبعًا لم أذكرك بأغاني الوطن والنضال وارفع راسك ياوطن !
تلك مآسي، ومحفزات على الإنتحار لكل ذي لب ونفس، وأنت منهما !
لما اخترتك بالذات لأكتب أليك؟ لعلك تسألني !
سأجيبك: قررت بعدما قلق قلبي جدًا، وتزاجمت برأسي الأفكار، وروادتني الرغبة أن أفتح قوائم الإتصال وأختر أول صديق (اونلاين) من اهل القراءة والكتابة وسأحدثه، ثم كنت أنت، وقد كان آخر ما كتبته هنا أيضًا موجها لك !
*أنهت السيدة مقطعًا، وألح عليها الحضور بإعادة ماقالت: تاني ياست .. تاني ياست*
أصبحتُ أخافني ياكريم .. كلما شعرت بقرب فقد يحدث، وكلما اضطربت جدًا بالتفكير في المحيطين بي، يأتي الفقد عكس ما توقعت. صباح اليوم ماتت إحدى معارفنا .. وبالأمس كنتُ في حفل عرس. الأيام تدور وتتقلب، والمدينة تكبر وتكبر ولا أحد يفكر في أحد. فلان مات، هيا نحمله إلى القبر، وفلان يتزوج، إذن هيا نرفعه إلى الأعلى مرارا حتى يتعب، وفلانة أنجبت، هيا نذهب إلبه ونحمل المولود ونقبله ! ما الرمزية في أمر الحمل هذا؟
أخبرتك أنا عن هذا الشعور غالبًا في الرسالة السابقة ! ثم يبدو أنه علي في المرة القادمة عند حضوره أن أكتب قائمة بمن أعرف، وأكثر الفكر حولهم، وبهذا لن يمسهم شيء ! ما رأيك بهذه الحيلة؟! هل ستضلل ملك الموت؟
تلك كلماتي لك اليوم .. فارمها، أو انسخها واحرق الورقة، أو اقذفها في اليم، أو ول شطرك نحوها، أو تنغم بها، أو انشرها على الملأ وحدث الناس أن صاحب هذه الكلمات مجنون فاحذروه، وقد أعذر من أنذر !
تقول السيدة الآن: " شفت كتير وقليل .....
اللي بيشكي حاله لحاله، واللي بيبكي على مواله !
تعليقات
إرسال تعليق