التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رسائل الظل - 1

 


إلهي!
أي سحر تفعله بنا الكلمات؟
صدق من بُعث بجوامع الكلم! نعم.. إن من البيان لسحرًا!
أين صادفتُ هذه الجملة أيضًا؟
نعم، تذكرتُ.. في الحوار الأخير الذي دار بين هاري بوتر والبروفيسور دامبلدور.. الكلمات لها نفس تأثير السحر.
"نحن رواد الظل يا مصطفى"
يأسرني كلام من يكتب اسمي. ولو كان في غير قصتي، ولو كنتُ غير المعني. أنا رجل يأخذ كل كلمة على غيره كأنها له حتى يعيها، فما بالكم بما يرسل إلي خاصة؟
رواد الظل! أن أفتح عيني اليوم على هكذا قول وأفتح صندوق بريدي فأجد هذه الجملة في المقدمة. مفتتح ما رأيت، لكنه ختام ما تم إرساله!
كيف شعرت بهذا الكم من الرسائل والذي يختم بقول مثل هذا؟
أظن أن لفظ القدر أفضل من الكم.. إن جملًا مثل:
نشرب نخب الحزن كل ليلة..
السكوت لو تعلم أقوى لهجة احتجاج!
ها نحن ننادم الوحدة كأننا أشباح لا ترى..
هذي كلها وغيرها لا يصح لأي أحد أن يعتبرها كمًا ما! هي مما له قدر ومكانة.
ثم في ظل سكرتي المتتابعة هذه.. أقرأ من النهاية للبداية، فأسكر أولًا، وأقرأ من البداية، فأسكر اخرى.. ثم أضيع تماما!
إلهي.. لو لم تكن الكلمات أهم شيء خلقت لما كانت بالصحف التي نزلت على الأنبياء تترى!
.
ثم ما كل هذا اللطف التي تحدثه كلمة، وأي أثر لازال لدي منذ الصباح لجملة وحيدة كهذه؟
انظروا إلى إحدى نعم الله علي اليوم:
" هاأنذا أضيع فيه الآن"
هل رميت يوما كلمة في الهواء دون هدف، ودون انتظار الصدى، فأتاك الصدى محملًا بوتر ونغم وطرب؟
ثمة حالة من (ما أقول، الفرحة؟)..
ثمة حالة من الفرحة ربما، لكنها ممتزجة بشيء آخر.. شيء يحدث عندما تتلقى أن هناك ما يحدث لكلمة قلتها في مكان ما.. بحثتٌ عنها لأذكر متى وأين قلتها فلم أعثر عليها..!
نعم، أذكر أني قلتُ مرة أني أرغب بالتحدث إلى جدار.. لا أذكر حالتي حينها.. ربما كنت أريد جدارا لأنه لن يرد علي ولن يناقشني فيما أقول، وربما تعبيرًا عن وحدة كانت حينها وكنت أريد شيئًا ما .. كالشاعر الذي أراد أن يربت على كتفه ولو قطره مطر.
لم أستمر في البحث كثيرًا، فقط عدت لقراءة الكلمات ثانية.. قرأتها مرارا.. كأنها ستمضي مني! كاني أريد أن أحفظها! او أخاف أن تفر مني!
لا أدري..!
إلهي .. أي سحر تفعله بنا الكلمات؟!
يارب الناس والكلمات والصحف.. ارض اللهم عن أناس قضوا دقائق من ليلتهم ينثرون كلاما بليغًا إلى عبدك الذي يمكنه الآن أن يظل يكتب لا يمنعه من ذلك إلا أن يموت، ودون أن يقول عن نفسه مرة أخرى:
إنني لا أقدر على القبض على الكلمات.. أفتقد اللغة، وأعجز عن مجاراتها..!
ثم، شكرًا على كل هذي الرسائل مجهولة المصدر.
ألف شكر لاتفي بالأثر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجمال في كل شيء.

 "الليل الليل، ودقة الساعات تصحي الليل" أدندن بالصفير مقلدا اللحن لمقطع من فات الميعاد، ثم أدير القائمة بشكل عشوائي فيأتي المقطع نفسه الذي أقلد من بين مقاطع عديدة. ربما ذلك فيما قبل كان ليكون مطلع نداء وحداء، أو ليلة نكتب فيها ألف كلمة وكلمة ثم لانكون قد قلنا مما يجول بصدورنا إلا كلمة.. فمن للألف يجلبها؟! هل تجلبها قصيدتكِ المحبوسة بصدرك وبصندوق بريدي؟ أم تأوهات كل الأهل بين القصف والحتف؟ تقول السيدة الآن: وهات لي قلب، لا داب ولاحب، ولا انجرح ولا شاف حرمان.  كان لهذا المعنى أثر فيما مضى، ولا أعني منذ سنوات عديدة او أشهر مديدة. بل لعله الأمس أو قبل الأمس بعام أو شهيق إثر قافية نسيب: فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ** ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ أو زفير إثر قول الشاعر: أين الأحبة يا أبي أو ما دروا ** أنا إلى ساح الفناء نقاد كل الكلمات كان لها معنى، أو لنقل حالة جاهزة من التأثر. فقط هناك مايشبه مستقبلات الكلام فتوجه كل كلمة إلى مستودعها من المشاعر، فما الذي جرى؟! لا، لم آت هنا الآن لكي أشكي هما، أو أنشج. إنما لأحاول التشريح قدرالإمكان عما كان، وعما هو الآن فلعلي ...

ميراث الصمت والملكوت

 قرأت للكاتب منذ سنوات مقالة "بئس هذا الناس" وهي من النصوص القليلة التي ظلت بالذهن لفترات طويلة، ثم سمعت عنه كثيرا فيما بعد، وعن قلة ماينشره رغم مايبدو من براعة نصه، ووجود مايمكنه قوله. وهذا أشد ما يجذبني في كاتب. الكتاب جميل، ورغم أني لست بنفس الانبهار القديم عند قراءة المقالة مرة أخرى، إلا أني أمام قارئ من العيار الثقيل. وهذا أكثر ما قد يعبجني في أحد. لدي حلم واحد فقط في الحقيقة، وكثيرا ما أقول من أين أبدأ به؟ ووجدت مثيلا لهذا الحلم بالكتاب، كما أن من الجمل المميزة التي علقت بذهني من الكتاب هي: أول خطوات تنفيذ الحلم هو أن تستيقظ منه. ومن المفارقات اللطيفة أن الكاتب تعرض لفكرة المفارقات هذه بإحدى المقالات. قرأت الكتاب باتفاق مع بعض الأصدقاء كقراءة جماعية، لكني  جائع للقراءة، وللهروب من واقع حياتي الحالي. سأسألهم عن الرأي طبعا، لكن لا أظن الكاتب ترك مجالا لهكذا فكرة. فهو طارح لأفكار وخواطر عديدة، تحير من يريد أن يحلل. سأتجه لمتابعة إنتاجه إن شاء الله. وإلى رحلة أخرى.
أود أكثر من أي وقت مضى أن أقول أشياء كثيرة. ربما لاتعني أي شيء على الإطلاق لغيري، لكن الرغبات لا تحاكم ولا تصادر. مثلا أود الآن أن أخبر العالم بأسره أني أحبُ الليلَ ولا أحب الأرق. وأرغب بالخلود ولا أحب الناس ولا التقدم في السن. ربما أيضا أهمس في أذن المليارات بأنني أقنع بالقليل، قد أتصور أنه ثمة أذن كبيرة بحجم جزيرة أتحدث عبرها مرة واحدة وحسب. هذا يبدو سهلا حقا. إنه يشبه أن تكن أحد هؤلاء الذين يظنون أن بإمكانهم التحدث إلى أي أحد بأي وقت.. حتى أنه يخيل إلى البعض منهم أنه إله. لا يهم.. ملحوظة: من الأفضل ياصديقي الساهر اختيارا أو مرغما أن تعيد قراءة كلماتي مرة أخرى بسرعة كتابتها.. كأنك من تكتبها فتقرأها على مهل، ثم تضع حالتك الشعورية مع الكلمات، فيساعدك همسك وشهيقك وزفيرك، وعندئذ نكون قد اشتركنا في شيء لا أحد يدري متى بالضبط سيحدث هذا الأمر ثانية! هيا، اذهب ثم عد.. لما لم تفعل؟ هيا، لن يطير بقية كلامي، ثم إنه كلام عادي جدا على أية حال.. لدي رغبة جديد الآن.. وهي أن أسبح مع ذئبي المشتهى بين الكواكب، ثم نستقر على كوكب مناسب به احتياجاته منفصلة عن احتياجاتي حتى لانضطر إلى ممارسة نظريات الأرض ...