التخطي إلى المحتوى الرئيسي

دوران آخر قديم



(1)

 تلك المساحة البيضاء تغريني ..

لدي رغبة شديدة لأن أكتب وأكتب وأكتب. عما أكتب؟! لا أدري !
لماذا أكتب؟ لأن أول شيء كانت الكلمة.
كيف أكتب؟!
لا أنتظر لتكون كلماتي نصًا. أنا أكتب الكلمات دفقة واحدة. دفعة واحدة. كل شيء يخرج دون تحضير ولا ترتيب. كلما فكرت أن العمر يجري، أشك أنني سأموت في الزفير القادم، لقد مر الزفير، لعلي أرحل في الشهيق. مر أيضًا بسلام !
سأرحل عما قريب. لذا فأنا أسابق الزمن لكي أقول أي شيء، لن يسعفنا العمر ولن تسعفنا احياة لنقرأ/نكتب كل مانريد. لذا فمتى بدأت ضربات الكلمة يجب أن أضعها فورًا. بعد ذلك إن إسعفنا الوقت، حينما نكون على ثقة تامة بأنه هناك المزيد من الوقت ينتظر يمكننا أن ننقي ماكتبنا.
لكن أين هذه الثقة التامة؟ من يضمنها؟!
..
انتظروا،،
ثمة سبب آخر يجعلني أكتب دون الأول ..
إنني أكتب لأنه لم يعد هناك قدر أنملة برأسي لمزيد من الأفكار، لذا فأنا أطرح بعضها خارجًا علّ ذلك يفيد. لكن ويالخيبتي ! لقد طرحتُ فكرة، فطرحت فكرتين، وازداد ثقل دماغي !!



(2)

يا إلهي ..
إنها السايعة والنصف !
وثمة سر يأبى الإستمرار في الخفاء. أأخبر أصدقائي به؟ لازال الكثير منهم يقظ ! سيعرف إذًا هذا السر عدد أكبر ممن عرف الآخريّن !
المشكلة ليست في أصدقائي اذين عرفتهم مؤخرًا. المشكل الحقيقي في الرفاق الذين قضيت معهم زمنًا، وكونوا فكرة عني بأني كذا وكذا ..
كيف سيتقبلون أن أقول لهم: أنا أحب الغناء؟!
هل سيتفهمون حينما أقول لهم: إن أكثر أغنيتين يلمسان شيئًا خاصًا بي هما: ع اللي جرى من مراسيلك و من الشباك لأرميلك حالي؟!
أجزم بأنهم لن يتفهموا الأمر. هم لم يطالعوا رسائلها الثلاثة عشر، كانت تكتبها بعامية مزعجة، لكنها كانت واضحة لي كالشمس. لم يقرأ أحدهم مائة وخمس وسبعين ( آه ) ولا تسعة عشر ( أفتقدك ). واحدة في ذيل كل رسالة، والأخيرة وحدها تحوي ستًا غير الخاتمة. كنت أطالع الأخيرة متألمًا لما سببته تلك (المراسيل).
(متغربين احنا).
وأصدقائي مساكين. رغم أني لم أعظهم، ولم أطلب إمامتهم بالصلاة. هم رأونني أهلًا لذاك، فاسموني ( الشيخ و الأستاذ و حضرتك ) وأنا في الحقيقة مجرد مطعون آخر من رسائل عابرة أتتني من مجهولة !


(3)

أيها الأصدقاء ..
إنه منتصف الليل مرة أخرى !
وأود أن أعترف لكم أيضًا بأمور ما ..
اليوم ظللت أقلب كلام نصين برأسي. واحد كان مفتتحه: أصبحتُ بارعًا في طرق عد الأشياء والمواد. والآخر كان سيتكلم عن جدتي، وكم كانت إمرأة عادية، ثم كنت سأعطف في الكلام وأكذب وأقول أيضًل أنا رجل عادي، وأكتب كلماتًا عادية، لا أفكر كثيرًا قبل كتابتها، وذلك لبعض حظ النفس الذي أطمع به. نعم، انا أرغب أن يقول أصدقائي:
الله .. جميل يامصطفى .. لماذا لاتقدم على إعداد كتاب؟ .. أنت رائع وكفى .. إلخ إلخ.
فتخيلوا أن أقول لكم أن كل ماتثنون عليه، أنا لا أتعب في كتابته ! فكيف حينما أبذل قليلًا من الجهد؟!
أيها الأصدقاء، يارواد الليل، نادوا على من تحبون .. ستسمعون الصدى. انظروا إلى السماء، وتفقدوا وجوه من تفقدون، ويمكنكم أن تسكنوا مثلي لتسمعوا تلك الحفلات النادرة التي يشغلها صاحب ورشة تصليح السيارت في المبنى المقابل. افعلوا كل شيء. لكن رجاء، لاتفشوا أسراري. فلازلتُ أريد بعض هذا الثناء.
ألم يقل أحدهم:
أريدُ أن يربت على كتفي أي شيء
ولو كانت حبة مطر !
.
أو كما قال !



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجمال في كل شيء.

 "الليل الليل، ودقة الساعات تصحي الليل" أدندن بالصفير مقلدا اللحن لمقطع من فات الميعاد، ثم أدير القائمة بشكل عشوائي فيأتي المقطع نفسه الذي أقلد من بين مقاطع عديدة. ربما ذلك فيما قبل كان ليكون مطلع نداء وحداء، أو ليلة نكتب فيها ألف كلمة وكلمة ثم لانكون قد قلنا مما يجول بصدورنا إلا كلمة.. فمن للألف يجلبها؟! هل تجلبها قصيدتكِ المحبوسة بصدرك وبصندوق بريدي؟ أم تأوهات كل الأهل بين القصف والحتف؟ تقول السيدة الآن: وهات لي قلب، لا داب ولاحب، ولا انجرح ولا شاف حرمان.  كان لهذا المعنى أثر فيما مضى، ولا أعني منذ سنوات عديدة او أشهر مديدة. بل لعله الأمس أو قبل الأمس بعام أو شهيق إثر قافية نسيب: فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ** ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ أو زفير إثر قول الشاعر: أين الأحبة يا أبي أو ما دروا ** أنا إلى ساح الفناء نقاد كل الكلمات كان لها معنى، أو لنقل حالة جاهزة من التأثر. فقط هناك مايشبه مستقبلات الكلام فتوجه كل كلمة إلى مستودعها من المشاعر، فما الذي جرى؟! لا، لم آت هنا الآن لكي أشكي هما، أو أنشج. إنما لأحاول التشريح قدرالإمكان عما كان، وعما هو الآن فلعلي ...

ميراث الصمت والملكوت

 قرأت للكاتب منذ سنوات مقالة "بئس هذا الناس" وهي من النصوص القليلة التي ظلت بالذهن لفترات طويلة، ثم سمعت عنه كثيرا فيما بعد، وعن قلة ماينشره رغم مايبدو من براعة نصه، ووجود مايمكنه قوله. وهذا أشد ما يجذبني في كاتب. الكتاب جميل، ورغم أني لست بنفس الانبهار القديم عند قراءة المقالة مرة أخرى، إلا أني أمام قارئ من العيار الثقيل. وهذا أكثر ما قد يعبجني في أحد. لدي حلم واحد فقط في الحقيقة، وكثيرا ما أقول من أين أبدأ به؟ ووجدت مثيلا لهذا الحلم بالكتاب، كما أن من الجمل المميزة التي علقت بذهني من الكتاب هي: أول خطوات تنفيذ الحلم هو أن تستيقظ منه. ومن المفارقات اللطيفة أن الكاتب تعرض لفكرة المفارقات هذه بإحدى المقالات. قرأت الكتاب باتفاق مع بعض الأصدقاء كقراءة جماعية، لكني  جائع للقراءة، وللهروب من واقع حياتي الحالي. سأسألهم عن الرأي طبعا، لكن لا أظن الكاتب ترك مجالا لهكذا فكرة. فهو طارح لأفكار وخواطر عديدة، تحير من يريد أن يحلل. سأتجه لمتابعة إنتاجه إن شاء الله. وإلى رحلة أخرى.
أود أكثر من أي وقت مضى أن أقول أشياء كثيرة. ربما لاتعني أي شيء على الإطلاق لغيري، لكن الرغبات لا تحاكم ولا تصادر. مثلا أود الآن أن أخبر العالم بأسره أني أحبُ الليلَ ولا أحب الأرق. وأرغب بالخلود ولا أحب الناس ولا التقدم في السن. ربما أيضا أهمس في أذن المليارات بأنني أقنع بالقليل، قد أتصور أنه ثمة أذن كبيرة بحجم جزيرة أتحدث عبرها مرة واحدة وحسب. هذا يبدو سهلا حقا. إنه يشبه أن تكن أحد هؤلاء الذين يظنون أن بإمكانهم التحدث إلى أي أحد بأي وقت.. حتى أنه يخيل إلى البعض منهم أنه إله. لا يهم.. ملحوظة: من الأفضل ياصديقي الساهر اختيارا أو مرغما أن تعيد قراءة كلماتي مرة أخرى بسرعة كتابتها.. كأنك من تكتبها فتقرأها على مهل، ثم تضع حالتك الشعورية مع الكلمات، فيساعدك همسك وشهيقك وزفيرك، وعندئذ نكون قد اشتركنا في شيء لا أحد يدري متى بالضبط سيحدث هذا الأمر ثانية! هيا، اذهب ثم عد.. لما لم تفعل؟ هيا، لن يطير بقية كلامي، ثم إنه كلام عادي جدا على أية حال.. لدي رغبة جديد الآن.. وهي أن أسبح مع ذئبي المشتهى بين الكواكب، ثم نستقر على كوكب مناسب به احتياجاته منفصلة عن احتياجاتي حتى لانضطر إلى ممارسة نظريات الأرض ...