التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رفاق قدامى

 (1)

هالو .. هل من أحد هنا؟!
السادة والسيدات رواد الليل. محبي إعترافات مابعد منتصف الليل...
تعرفون؛
لم أكن في صغري وسيمًا، أو على الأقل سيدة السيدات لم تراني هكذا.
مثلًا: حاجباي الكثيفان، وجحوظ عيناي، كان سببًا في أن أتوارى عند المرور على العذراوات.
لكني قلبي كان نقيًا، وأساء الكثير الإهتمام به. المغفلون تركوه هكذا ليرتطم بالناس والأحداث ونشرات الأخبار وإمتحانات آخر العام، ودراسة الحمض النووي، ومسائل الوراثة والمواريث، وعلم الكلام، والملام، والحزن، والهجر، والفقدان والكثير الكثير من الخيبات.
ورغم كل ذلك، لازال هناك بقية من نقاء لن تتبدل، ولن تمحى مادام ينبض.
هل يمكن أن أُقبل بعد فوات الميعاد؟!
نعم، لازال حاجباي كثيفان، وعيناي واسعتان، بل أصبحتُ أشعر بألآلآم في ركبتي، لكني أمارس الرياضة، والقراءة، ولدي قدرة عجيبة على كسب المزيد من العلاقات الإجتماعية، وفوق هذا كله أصبحت أمارس التفكير النقدي.
صرتُ مجنونًا بسبب الأخير. لكن كان يمكن أن أكون مجنونًا لسببٍ آخر.

(2)

كان لخالي عضلات قوية عندما كان شابًا يحرث في الأرض. لم يعد يملك مثلها منذ أن بدأ في العمل بأحد المصانع. في يوم صممت ان أذهب معه إلى حقل الذرة، ولم يكن قد نام الليلة الفائتة فبدل ملابسه، ثم أفطر من الذرة الموجود دون أن يشم النار. تناوله هكذا، وكان مستمتعًا بالطعم. وأنا أحب الأكل، ففعلت مثله. لازال هذا الطعم الحلو في فمي. ق


ال لي جدتي في اليوم الفائت: روح مع خالك أنيس بكره وهات (رِجْلَة) عشان البط بيحبها، ولو جبت حبة حلوين هاديلك بطة منهم لما يكبروا. أكلت الذرة، وظللت أجمع من نبتة البط هذه قدر ما أستطيع وأعرف، وقد أشفق خالي عليّ لكل هذا الحِمل. ذهبت إلى جدتي فانشرحت، ورمت الأكل للبط، وأنا ظللت أشاهدهم يأكلون، وأفكر أي واحدة منها سألتهم بعد شهرين؟!
بعد ثلاث شهور، كانت أمي تعد الغداء، وقلت للحاضرين: أنا عازمكم النهارده على بط.

(3)

مساء الخير ..
لماذا تأخر صاحب الورشة في المبني المقابل عن تشغيل حفلة الليلة؟! وبدلًا من ذلك لازال صبيه يطرق منذ مايزيد عن ساعة على إحدى السيارات وهو يصلحها !
الليلة كما عهدته كان موعد حفلة (القلب يعشق كل جميل).
شيء ما يأتي من الخلف، من الذكرى والماضي عند سماع (كل جميل).
تقول الكلمات: القلب يعشق كل جميل، وياما شفتي جمال ياعين.
أقول: القلب يعشق الجميل، ولم ترين إلا جميلًا واحدًا ياعين.
أيتها العين، يارسولة الهوى، وياداعية الوجد والألم، ألم يكن يكفي أن ترينها مرةً واحدة؟!
لماذ نظرتي الثانية؟!
ولماذا أطلتي في الثالثة؟
ثم لماذا أيتها العنيدة صممتي في الرابعة حتى رنت؟!
صاحب الورشة، أخلف هذه الليلة. أدار حفلة: نهج البردة، ورفع صوت المسجل عند:
لما رنا حدثتني النفس قائلة:
ياويح جنبك بالسهم المصيب رمي.

*إعادة نشر من أول مرة 8 سبتمبر 2016 - دون تعديل*

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجمال في كل شيء.

 "الليل الليل، ودقة الساعات تصحي الليل" أدندن بالصفير مقلدا اللحن لمقطع من فات الميعاد، ثم أدير القائمة بشكل عشوائي فيأتي المقطع نفسه الذي أقلد من بين مقاطع عديدة. ربما ذلك فيما قبل كان ليكون مطلع نداء وحداء، أو ليلة نكتب فيها ألف كلمة وكلمة ثم لانكون قد قلنا مما يجول بصدورنا إلا كلمة.. فمن للألف يجلبها؟! هل تجلبها قصيدتكِ المحبوسة بصدرك وبصندوق بريدي؟ أم تأوهات كل الأهل بين القصف والحتف؟ تقول السيدة الآن: وهات لي قلب، لا داب ولاحب، ولا انجرح ولا شاف حرمان.  كان لهذا المعنى أثر فيما مضى، ولا أعني منذ سنوات عديدة او أشهر مديدة. بل لعله الأمس أو قبل الأمس بعام أو شهيق إثر قافية نسيب: فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ** ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ أو زفير إثر قول الشاعر: أين الأحبة يا أبي أو ما دروا ** أنا إلى ساح الفناء نقاد كل الكلمات كان لها معنى، أو لنقل حالة جاهزة من التأثر. فقط هناك مايشبه مستقبلات الكلام فتوجه كل كلمة إلى مستودعها من المشاعر، فما الذي جرى؟! لا، لم آت هنا الآن لكي أشكي هما، أو أنشج. إنما لأحاول التشريح قدرالإمكان عما كان، وعما هو الآن فلعلي ...

ميراث الصمت والملكوت

 قرأت للكاتب منذ سنوات مقالة "بئس هذا الناس" وهي من النصوص القليلة التي ظلت بالذهن لفترات طويلة، ثم سمعت عنه كثيرا فيما بعد، وعن قلة ماينشره رغم مايبدو من براعة نصه، ووجود مايمكنه قوله. وهذا أشد ما يجذبني في كاتب. الكتاب جميل، ورغم أني لست بنفس الانبهار القديم عند قراءة المقالة مرة أخرى، إلا أني أمام قارئ من العيار الثقيل. وهذا أكثر ما قد يعبجني في أحد. لدي حلم واحد فقط في الحقيقة، وكثيرا ما أقول من أين أبدأ به؟ ووجدت مثيلا لهذا الحلم بالكتاب، كما أن من الجمل المميزة التي علقت بذهني من الكتاب هي: أول خطوات تنفيذ الحلم هو أن تستيقظ منه. ومن المفارقات اللطيفة أن الكاتب تعرض لفكرة المفارقات هذه بإحدى المقالات. قرأت الكتاب باتفاق مع بعض الأصدقاء كقراءة جماعية، لكني  جائع للقراءة، وللهروب من واقع حياتي الحالي. سأسألهم عن الرأي طبعا، لكن لا أظن الكاتب ترك مجالا لهكذا فكرة. فهو طارح لأفكار وخواطر عديدة، تحير من يريد أن يحلل. سأتجه لمتابعة إنتاجه إن شاء الله. وإلى رحلة أخرى.
أود أكثر من أي وقت مضى أن أقول أشياء كثيرة. ربما لاتعني أي شيء على الإطلاق لغيري، لكن الرغبات لا تحاكم ولا تصادر. مثلا أود الآن أن أخبر العالم بأسره أني أحبُ الليلَ ولا أحب الأرق. وأرغب بالخلود ولا أحب الناس ولا التقدم في السن. ربما أيضا أهمس في أذن المليارات بأنني أقنع بالقليل، قد أتصور أنه ثمة أذن كبيرة بحجم جزيرة أتحدث عبرها مرة واحدة وحسب. هذا يبدو سهلا حقا. إنه يشبه أن تكن أحد هؤلاء الذين يظنون أن بإمكانهم التحدث إلى أي أحد بأي وقت.. حتى أنه يخيل إلى البعض منهم أنه إله. لا يهم.. ملحوظة: من الأفضل ياصديقي الساهر اختيارا أو مرغما أن تعيد قراءة كلماتي مرة أخرى بسرعة كتابتها.. كأنك من تكتبها فتقرأها على مهل، ثم تضع حالتك الشعورية مع الكلمات، فيساعدك همسك وشهيقك وزفيرك، وعندئذ نكون قد اشتركنا في شيء لا أحد يدري متى بالضبط سيحدث هذا الأمر ثانية! هيا، اذهب ثم عد.. لما لم تفعل؟ هيا، لن يطير بقية كلامي، ثم إنه كلام عادي جدا على أية حال.. لدي رغبة جديد الآن.. وهي أن أسبح مع ذئبي المشتهى بين الكواكب، ثم نستقر على كوكب مناسب به احتياجاته منفصلة عن احتياجاتي حتى لانضطر إلى ممارسة نظريات الأرض ...