بينما أطالع رسائل الظل هذه -وكعادتي حين القراءة- تتداخل أصوات الكُتاب برأسي فأسمعهم يأخذون مما أقرأ ويفصلونه على ما كتبوه. يأخذون كلمة أو أكثر!
هنا في "رسائل الظل" وجدتُني أقول بصوت الرافعي رحمه الله قياسا على ما قال في رسائل الأحزان: هي رسائل الظل لا لأنها من الظل أتت، لكن لأنها إلى الظل انتهت.
قبل أن أقرأها أيضًا كانت فاطمة الحاج خالد تترك ظلها الطويل يأسر أخو خضرة مرة أخرى بعدما أسرته أولًا بحديثها إلى الغزالة.
في العام 2018 كنت أكتب كثيرًا كأنني أنزف. اخترتُ عددا من أقرب الأصدقاء لأزف إليهم كلماتي التي كانت تأوي جل ما كنت أشعر به وعجزتُ عن حمله، وقد يعجز غيرهم عن فهمه.
أويت إلى أحمد وكريم وعبد الله أكثر من غيرهم، لأنهم فتحوا لي ركنًا داخلهم أقيم فيه.
لعلي و أحمد كنا ركنًا للآخر، وكان كريم كعادته ذكيًا يقدر احتياج الآخر الحقيقي، وأما عبد الله فكانت ردوده عالمًا آخر ينتشلني من عزلتي ووحدتي حينها ويضعني في ذلك العالم.
كنتُ أكتب حينها كثيرًا. كأن الموت له موعد قد اقترب وأخشى ألا أقول كل شيء قبل موعدي معه.
كان حولي الجميع. الأصدقاء والزوجة والأولاد والكتب ومشاغل العمل.
لكن كنتُ وحدي داخلي. كنت في عزلة لم أكن أريدها.
لذلك قاومتها بالكتابة إلى أحد.
لو كان لي تأريخًا لحياتي لاخترتُ هذه الأيام منها.
فأقول قبل الثورة وبعدها، وقبل العزلة والإكتئاب في 2018 وقد يكون هناك بعدها. لأني أعتقد أني لازلتُ داخل دائرتها.
بلى! أدخل العام الرابع فيها. ولازال حولي كل هؤلاء!
لا أعرف أي الكلمات تصف شعوري الآن!
هل ثمة قدر من السعادة إن قلتُ: هذا حسن لو أن لي مكانة عند أحد كالتي لكريم وأحمد وعبد الله عندي؟
هذا ليس جميلًا وحسب، هذا عظيم!
لكني واعتبارا من ذلك الإعتقاد لا أريد لأحدٍ أن يكون في ذلك الحال الذي كنتُ منذ ثلاث سنوات. كانت فترةً لا شيء فيها جيد إلا الكتابة.
لا أريد لأحد ذلك، ولو كان عدوًا. فما ظني بمن أنزلني منزلة كريمة؟!
يقول بوكوفسكي:
هناك طائر أزرق في قلبي يريد الخروج.
لكن أقول له: ابق هنا. لن أدع أحدًا يبصرك.
وتعقيبا على الرسالة التالية لهذه، فأنا مؤمن تماما بما قاله الحاج محمود والحاج خالد من بعده، وبما تصدح بيه كل مضافة في أرض العرب:
لا كثير على الضيف، لا شيء كثير على الضيف.
كان أصدقائي معي حين الحاجة. وأنا للآخر حين الحاجة ما وسعني ذلك.
تعليقات
إرسال تعليق