التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رسائل الظل 2

 


بينما أطالع رسائل الظل هذه -وكعادتي حين القراءة- تتداخل أصوات الكُتاب برأسي فأسمعهم يأخذون مما أقرأ ويفصلونه على ما كتبوه. يأخذون كلمة أو أكثر!
هنا في "رسائل الظل" وجدتُني أقول بصوت الرافعي رحمه الله قياسا على ما قال في رسائل الأحزان: هي رسائل الظل لا لأنها من الظل أتت، لكن لأنها إلى الظل انتهت.
قبل أن أقرأها أيضًا كانت فاطمة الحاج خالد تترك ظلها الطويل يأسر أخو خضرة مرة أخرى بعدما أسرته أولًا بحديثها إلى الغزالة.

في العام 2018 كنت أكتب كثيرًا كأنني أنزف. اخترتُ عددا من أقرب الأصدقاء لأزف إليهم كلماتي التي كانت تأوي جل ما كنت أشعر به وعجزتُ عن حمله، وقد يعجز غيرهم عن فهمه.
أويت إلى أحمد وكريم وعبد الله أكثر من غيرهم، لأنهم فتحوا لي ركنًا داخلهم أقيم فيه.
لعلي و أحمد كنا ركنًا للآخر، وكان كريم كعادته ذكيًا يقدر احتياج الآخر الحقيقي، وأما عبد الله فكانت ردوده عالمًا آخر ينتشلني من عزلتي ووحدتي حينها ويضعني في ذلك العالم.

كنتُ أكتب حينها كثيرًا. كأن الموت له موعد قد اقترب وأخشى ألا أقول كل شيء قبل موعدي معه.
كان حولي الجميع. الأصدقاء والزوجة والأولاد والكتب ومشاغل العمل.
لكن كنتُ وحدي داخلي. كنت في عزلة لم أكن أريدها.
لذلك قاومتها بالكتابة إلى أحد.
لو كان لي تأريخًا لحياتي لاخترتُ هذه الأيام منها.
فأقول قبل الثورة وبعدها، وقبل العزلة والإكتئاب في 2018 وقد يكون هناك بعدها. لأني أعتقد أني لازلتُ داخل دائرتها.
بلى! أدخل العام الرابع فيها. ولازال حولي كل هؤلاء!

لا أعرف أي الكلمات تصف شعوري الآن!
هل ثمة قدر من السعادة إن قلتُ: هذا حسن لو أن لي مكانة عند أحد كالتي لكريم وأحمد وعبد الله عندي؟
هذا ليس جميلًا وحسب، هذا عظيم!
لكني واعتبارا من ذلك الإعتقاد لا أريد لأحدٍ أن يكون في ذلك الحال الذي كنتُ منذ ثلاث سنوات. كانت فترةً لا شيء فيها جيد إلا الكتابة.
لا أريد لأحد ذلك، ولو كان عدوًا. فما ظني بمن أنزلني منزلة كريمة؟!

يقول بوكوفسكي:
هناك طائر أزرق في قلبي يريد الخروج.
لكن أقول له: ابق هنا. لن أدع أحدًا يبصرك.

وتعقيبا على الرسالة التالية لهذه، فأنا مؤمن تماما بما قاله الحاج محمود والحاج خالد من بعده، وبما تصدح بيه كل مضافة في أرض العرب:
لا كثير على الضيف، لا شيء كثير على الضيف.

كان أصدقائي معي حين الحاجة. وأنا للآخر حين الحاجة ما وسعني ذلك.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجمال في كل شيء.

 "الليل الليل، ودقة الساعات تصحي الليل" أدندن بالصفير مقلدا اللحن لمقطع من فات الميعاد، ثم أدير القائمة بشكل عشوائي فيأتي المقطع نفسه الذي أقلد من بين مقاطع عديدة. ربما ذلك فيما قبل كان ليكون مطلع نداء وحداء، أو ليلة نكتب فيها ألف كلمة وكلمة ثم لانكون قد قلنا مما يجول بصدورنا إلا كلمة.. فمن للألف يجلبها؟! هل تجلبها قصيدتكِ المحبوسة بصدرك وبصندوق بريدي؟ أم تأوهات كل الأهل بين القصف والحتف؟ تقول السيدة الآن: وهات لي قلب، لا داب ولاحب، ولا انجرح ولا شاف حرمان.  كان لهذا المعنى أثر فيما مضى، ولا أعني منذ سنوات عديدة او أشهر مديدة. بل لعله الأمس أو قبل الأمس بعام أو شهيق إثر قافية نسيب: فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ** ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ أو زفير إثر قول الشاعر: أين الأحبة يا أبي أو ما دروا ** أنا إلى ساح الفناء نقاد كل الكلمات كان لها معنى، أو لنقل حالة جاهزة من التأثر. فقط هناك مايشبه مستقبلات الكلام فتوجه كل كلمة إلى مستودعها من المشاعر، فما الذي جرى؟! لا، لم آت هنا الآن لكي أشكي هما، أو أنشج. إنما لأحاول التشريح قدرالإمكان عما كان، وعما هو الآن فلعلي ...

ميراث الصمت والملكوت

 قرأت للكاتب منذ سنوات مقالة "بئس هذا الناس" وهي من النصوص القليلة التي ظلت بالذهن لفترات طويلة، ثم سمعت عنه كثيرا فيما بعد، وعن قلة ماينشره رغم مايبدو من براعة نصه، ووجود مايمكنه قوله. وهذا أشد ما يجذبني في كاتب. الكتاب جميل، ورغم أني لست بنفس الانبهار القديم عند قراءة المقالة مرة أخرى، إلا أني أمام قارئ من العيار الثقيل. وهذا أكثر ما قد يعبجني في أحد. لدي حلم واحد فقط في الحقيقة، وكثيرا ما أقول من أين أبدأ به؟ ووجدت مثيلا لهذا الحلم بالكتاب، كما أن من الجمل المميزة التي علقت بذهني من الكتاب هي: أول خطوات تنفيذ الحلم هو أن تستيقظ منه. ومن المفارقات اللطيفة أن الكاتب تعرض لفكرة المفارقات هذه بإحدى المقالات. قرأت الكتاب باتفاق مع بعض الأصدقاء كقراءة جماعية، لكني  جائع للقراءة، وللهروب من واقع حياتي الحالي. سأسألهم عن الرأي طبعا، لكن لا أظن الكاتب ترك مجالا لهكذا فكرة. فهو طارح لأفكار وخواطر عديدة، تحير من يريد أن يحلل. سأتجه لمتابعة إنتاجه إن شاء الله. وإلى رحلة أخرى.
أود أكثر من أي وقت مضى أن أقول أشياء كثيرة. ربما لاتعني أي شيء على الإطلاق لغيري، لكن الرغبات لا تحاكم ولا تصادر. مثلا أود الآن أن أخبر العالم بأسره أني أحبُ الليلَ ولا أحب الأرق. وأرغب بالخلود ولا أحب الناس ولا التقدم في السن. ربما أيضا أهمس في أذن المليارات بأنني أقنع بالقليل، قد أتصور أنه ثمة أذن كبيرة بحجم جزيرة أتحدث عبرها مرة واحدة وحسب. هذا يبدو سهلا حقا. إنه يشبه أن تكن أحد هؤلاء الذين يظنون أن بإمكانهم التحدث إلى أي أحد بأي وقت.. حتى أنه يخيل إلى البعض منهم أنه إله. لا يهم.. ملحوظة: من الأفضل ياصديقي الساهر اختيارا أو مرغما أن تعيد قراءة كلماتي مرة أخرى بسرعة كتابتها.. كأنك من تكتبها فتقرأها على مهل، ثم تضع حالتك الشعورية مع الكلمات، فيساعدك همسك وشهيقك وزفيرك، وعندئذ نكون قد اشتركنا في شيء لا أحد يدري متى بالضبط سيحدث هذا الأمر ثانية! هيا، اذهب ثم عد.. لما لم تفعل؟ هيا، لن يطير بقية كلامي، ثم إنه كلام عادي جدا على أية حال.. لدي رغبة جديد الآن.. وهي أن أسبح مع ذئبي المشتهى بين الكواكب، ثم نستقر على كوكب مناسب به احتياجاته منفصلة عن احتياجاتي حتى لانضطر إلى ممارسة نظريات الأرض ...