التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مرور

 



مرحبا، أنا مصطفى. يحدث لي شيء ما لا أستطيع توصيفه لكني أكون كم به مس ما. طبعا كما أتخليه، فلم أرى ممسوس من قبل لكن الصورة المتخيلة عنه هي تماما ما أجدها تنطبق على حالي عندئذ. ولكم اتمنى أن يطيل حالي ذاك حتى أقبض على ذلك الذي يجول داخلي. كأنه كما قال رائد وحش: جنون فجائي بلا سماء ولا أرض.

مررت اليوم من ذلك الشارع. يبدو عاديا كغيره. أعمدة إنارة منكفأة، بين عدد منهم واحد معطل، وعلب سجائر وعلب عصير فارغة ملقاة، أعقاب سجائر وأوراق وبقايا قمامة رماها أحدهم أو طيرها الهواء من الصندوق الممتلئ عن آخره على قمة الشارع. دائمًا ما أتساءل عن مزاج الذين يسكنون في ذلك البيت الرائع الذي يقابله هذا الصندوق القذر. شارع عادي.. كلب أسفل سيارة، وآخر يبحث عن طعام، ومجموعة نائمة واحد منها أسود في الجزء المظلم بجانب الطريق ومن المؤكد أن سائرًا تعرقل فيه ففزع الإثنان.

شارع عادي لأي عابر سواي. هنا، في البيت الذي سأمر عليه عليه بعد قليل، تحديدًا البيت على ناصية ثاني شارع جانبي وبعد أربعة عشر بيت قد وجدتُ ربة من ربات شعري. يارب ربات الشعر! ما الذي مر بي من هنا الآن؟
كم مضى من وقت؟ لا أذكر. لكن حين ذلك قد عدتُ وكتبتُ إلى كريم عنهن جميعا. حسابه معطل الان فلا يمكنني معرفة الوقت بالضبط لكني أذكر الحال. كان بي ذلك المس ولم أستطع أن أقبض على جملة واحدة فحينما مررت أسفل الشرفة كانت تقف تتطلع إلى الغريب الذي يمتزج مع مايسمعه.

"ليتني أعرف تحديدًا ما الذي يسمعه الآن جعله يحرك يمناه كموجة رقيقة تتهادى." قالت الربة ذلك.

كان العزف الدائر حينذاك مزيج من بيانو وناي.

مضيتُ لا ألتفت، لكني كنت أرى. دخلتْ هي ثم وقفت أمام المرآة وامتلأت هي الأخرى بالمعنى التي كانت تبحث عنه ومضت تنظم أفكارها وتكتب عن الغريب، ولم تكن تدري أنه كان يفكر كيف سيقنعهن بأن واحدة جديدة ستمكث معهن من الآن؟ وسيكن لها نصيب من افتتاحية أفكاره ودوافع حديثه وغليان صدره وامتلاء رأسه!

هاهو الشارع، وهاهو البيت، والشرفة! مكتوب عليها: الشقة للبيع!

تقول الأغنية الآن: وقد نكون ما يخشى تفرقنا، فاليوم نحن وما يرجى تلاقينا.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجمال في كل شيء.

 "الليل الليل، ودقة الساعات تصحي الليل" أدندن بالصفير مقلدا اللحن لمقطع من فات الميعاد، ثم أدير القائمة بشكل عشوائي فيأتي المقطع نفسه الذي أقلد من بين مقاطع عديدة. ربما ذلك فيما قبل كان ليكون مطلع نداء وحداء، أو ليلة نكتب فيها ألف كلمة وكلمة ثم لانكون قد قلنا مما يجول بصدورنا إلا كلمة.. فمن للألف يجلبها؟! هل تجلبها قصيدتكِ المحبوسة بصدرك وبصندوق بريدي؟ أم تأوهات كل الأهل بين القصف والحتف؟ تقول السيدة الآن: وهات لي قلب، لا داب ولاحب، ولا انجرح ولا شاف حرمان.  كان لهذا المعنى أثر فيما مضى، ولا أعني منذ سنوات عديدة او أشهر مديدة. بل لعله الأمس أو قبل الأمس بعام أو شهيق إثر قافية نسيب: فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ** ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ أو زفير إثر قول الشاعر: أين الأحبة يا أبي أو ما دروا ** أنا إلى ساح الفناء نقاد كل الكلمات كان لها معنى، أو لنقل حالة جاهزة من التأثر. فقط هناك مايشبه مستقبلات الكلام فتوجه كل كلمة إلى مستودعها من المشاعر، فما الذي جرى؟! لا، لم آت هنا الآن لكي أشكي هما، أو أنشج. إنما لأحاول التشريح قدرالإمكان عما كان، وعما هو الآن فلعلي ...

ميراث الصمت والملكوت

 قرأت للكاتب منذ سنوات مقالة "بئس هذا الناس" وهي من النصوص القليلة التي ظلت بالذهن لفترات طويلة، ثم سمعت عنه كثيرا فيما بعد، وعن قلة ماينشره رغم مايبدو من براعة نصه، ووجود مايمكنه قوله. وهذا أشد ما يجذبني في كاتب. الكتاب جميل، ورغم أني لست بنفس الانبهار القديم عند قراءة المقالة مرة أخرى، إلا أني أمام قارئ من العيار الثقيل. وهذا أكثر ما قد يعبجني في أحد. لدي حلم واحد فقط في الحقيقة، وكثيرا ما أقول من أين أبدأ به؟ ووجدت مثيلا لهذا الحلم بالكتاب، كما أن من الجمل المميزة التي علقت بذهني من الكتاب هي: أول خطوات تنفيذ الحلم هو أن تستيقظ منه. ومن المفارقات اللطيفة أن الكاتب تعرض لفكرة المفارقات هذه بإحدى المقالات. قرأت الكتاب باتفاق مع بعض الأصدقاء كقراءة جماعية، لكني  جائع للقراءة، وللهروب من واقع حياتي الحالي. سأسألهم عن الرأي طبعا، لكن لا أظن الكاتب ترك مجالا لهكذا فكرة. فهو طارح لأفكار وخواطر عديدة، تحير من يريد أن يحلل. سأتجه لمتابعة إنتاجه إن شاء الله. وإلى رحلة أخرى.
أود أكثر من أي وقت مضى أن أقول أشياء كثيرة. ربما لاتعني أي شيء على الإطلاق لغيري، لكن الرغبات لا تحاكم ولا تصادر. مثلا أود الآن أن أخبر العالم بأسره أني أحبُ الليلَ ولا أحب الأرق. وأرغب بالخلود ولا أحب الناس ولا التقدم في السن. ربما أيضا أهمس في أذن المليارات بأنني أقنع بالقليل، قد أتصور أنه ثمة أذن كبيرة بحجم جزيرة أتحدث عبرها مرة واحدة وحسب. هذا يبدو سهلا حقا. إنه يشبه أن تكن أحد هؤلاء الذين يظنون أن بإمكانهم التحدث إلى أي أحد بأي وقت.. حتى أنه يخيل إلى البعض منهم أنه إله. لا يهم.. ملحوظة: من الأفضل ياصديقي الساهر اختيارا أو مرغما أن تعيد قراءة كلماتي مرة أخرى بسرعة كتابتها.. كأنك من تكتبها فتقرأها على مهل، ثم تضع حالتك الشعورية مع الكلمات، فيساعدك همسك وشهيقك وزفيرك، وعندئذ نكون قد اشتركنا في شيء لا أحد يدري متى بالضبط سيحدث هذا الأمر ثانية! هيا، اذهب ثم عد.. لما لم تفعل؟ هيا، لن يطير بقية كلامي، ثم إنه كلام عادي جدا على أية حال.. لدي رغبة جديد الآن.. وهي أن أسبح مع ذئبي المشتهى بين الكواكب، ثم نستقر على كوكب مناسب به احتياجاته منفصلة عن احتياجاتي حتى لانضطر إلى ممارسة نظريات الأرض ...