التخطي إلى المحتوى الرئيسي

خير أيام الفتى؛ يوم نفع.

 


مرحبا.

أكثر مايشغلني مؤخرا بل وبشكل دائم هو سؤالي نفسي عن الوقت. هل استخدمته بشكل جيد؟ أم ضاع منه القليل والكثير فيما لا يفيد؟
قرأت على مراحل متقطعة من حياتي عن الوقت وأهميته ووجوب استخدامه فيما ينفع. وكنت كل مرة آخذ خطوات معينة لكني سرعان ما أنسى ثم تحيط بي الملهيات.

فلعلي بكتابة هذه الكلمات أذكر نفسي قبل أي أحد. ولما رأيتني أستخدم وقتي في الأسبوع الأخير أفضل من قبله فكرت أن هذه النصائح قد تنفع أحدا.

 

لازالت الأحاديث والمرويات عن الوقت والحث على فعل ماينفع فيه، والنهي عن كل نقيصة؛ تقابلني كلما مررت على موعظة أو قرأت في الرقائق.

ثمة نص قرأته قديما، ولكني نسيت لفظه وسنده. لكن تلك الصورة لا تفارق مخيلتي أبدا.
أقف وكاني يوم القيامة، وتعرض أمامي انفاسي وأوقاتي كخزائن في جدار ضخم. وأنا أنظر! أتخيلني ضئيلا أمام هذا الجدار الكبير بلبناته التي لم أنظر إلى أكثرها!
لا تطيق مخيلتي أن تذهب إلى أبعد من ذلك. أخشى دائمًا من تلك الفارغة أو الممتلئة بغير ما ينفع.
بالنسبة لي، هذا عذاب كاف، فكيف إن نظرت ووجدت ما يسر الشيطان؟

في الحديث: اغتنم خمسا قبل خمس. هناك ثلاثة للوقت. الشباب قبل الهرم والحياة قبل الموت والفراغ قبل الانشغال. هل بعد ذلك من إشارة على أهمية الوقت؟ ذلك الكنز الذي لا يتجدد؟

نعم، إن الأعمار إلا هذي الأيام والساعات والدقائق.

 

****

منذ أسبوعين تقريبا عُرضت لي مادة عن إدارة الوقت بينما كنت أبحث عن مادة في التخطيط (مجال عملي) لأطالعها. قرأتها وسرعان ماذكرتني بصورتي أمام ذلك الجدار الضخم ذو الحجارة من شهيقي وزفيري.
أنهيت المادة بين يدي مستغلا مابها من نصائح ممكنة بالنسبة لي فقط كانت على طريقة كتب بعض التنمية البشرية التي تتحدث عن الإنسان كآلة، وهذه الطريقة لا أحسن التعامل معها في العموم. سألت أصدقائي المقربين لعل أحدهم تعرض لأمر  شبيه فيختصر الطريق علي، وكلي أمل ألا يحيلني أحد إلى أي مادة شبيهة.

 

قال لي حجاج: دعك من النصائح المعلبة، ودعك من الكتب. ركز فيما تصنعه طوال الوقت، وسجل ماتصنع لمدة أسبوع،  ثم انظر فيما فعلت وحرر نفسك ووقتك من هذا اللاشيء! واستثمر فيما يفيد.

كنت على تلك الحال التي يقبل فيها صاحبها أي كلمة فقبلت النصيحة الأولى واكتفيتُ بها. استمر الأمر معي لأيام متتابعة ومتقاربة. أفوت يوم وآخر، لكني سجلت بالفعل عددا من الأيام، ووقفت على كثير من الأمور التي تستهلك أكثر مما يجب، كما أنه ثمة ما لافائدة منه. ساعدني في ذلك التقييم تلك الإحصائيات التي تقدمها الهواتف والأجهزة التقنية الحديثة والتطبيقات. فقد وجدت ان متوسط تواجدي اليومي على موقع واحد فقط مايقرب من ساعتين يوميا!
طبعا هناك ما يمكن عمله في ساعتين بالنسبة لي ويكون أكثر إفادة. وبدون تفاصيل عديدة مما يجب أن أفعله أو هو مفيد لي، فقد يكون ماهو اولوية عندي عند الآخر لاشيء لها أهمية وقد يكون العكس.
لكني مثلا وجدت أن أورادي اليومية الحالية تأخذ مني ساعة بالكثير!
ومستهدف المشي اليوم مثلا عندي يأخذ ساعة!
(وانظر أنت في أجهزتك وراجعها وراجع وقتك، وتذكر أنه إنما أنت بضع أيام ويومك تلك الساعات)

فقمت ببعض التعديلات البسيطة على السلوك اليومي ولم أقدم عليه دفعة واحدة لأني أعرف نفسي. وأعرف أنه لا يصلح معي الإقدام دفعة واحدة. وهذا قد يصلح لغيري.

 

مرة أخرى وبإعادة النظر في نصيحة حجاج، تذكرت كنز الأوقات البينية. ولعل أبرز ما يثمنها عندي هو الرد الشهير لأمبرتو ايكو حينما سُئِل عن إنتاجه الضخم والهام. فتحدث عن الأوقات البينية كأوقات الانتظار او المواصلات أو الأوقات البينية. وقد تصل هذه لساعة أو أكثر بالنسبة للفرد الواحد. وجدت أني أمتلك منها مثلا فوق الساعة يوميا.

 

 

أخيرا، ولعله من الجميل والعملي في آن واحد أن كل هذا -على قلته- ما ظهر لي إلا بسبب أني كنت في انتظار صديق بأحد الميادين، فشرعت مستغلا الوقت بالبحث عن الدورات التي من الممكن أن آخذها في مجال عملي فأول ماظهر لي هو تخطيط الوقت، فشرعت بالقراءة والبحث ثم سؤال الأصدقاء فرد حجاج وكل ما أتى بعد ذلك.


وهذه نقاط سريعة عملية قمت بها ربما تفيد:
 

1-   كتابة ما أريده بالفعل، وترتيبه بالأولوية، ثم تحديد ماينقصني والبدء في البحث عنه. وهذه فيها تفاصيل أكثر حسب كل انسان ومايرغب فيه وما يرغب عنه.

2-   وجدت أني أسير في دقيقة واحدة مائة خطوة. هذا يعني أن ساعة واحدة تكفي لمشي ستة آلاف خطوة وهو متوسط مشي يومي مفيد.

3-   استغللت المشي في انهاء أوراد كالذكر، وأيضًا لو أردت متابعة أي أخبار او حتى تصفح أي تطبيق لمجرد "الفرجة" أو حتى متابعة لحدث مهم فيحسن استغلال هذا الوقت لهذا الشأن.

4-   واحد من أبسط الأمور لكنه يمنع من الانسياق وتضييع الوقت هو اغلاق اشعارات التطبيقات. اغلق كافة التطبيقات إلا ماترى أنه مهم كتطبيق للعمل ثم أغلقه بعد العمل. هذا وحده سيكفل لك الكثير من الوقت ويحفظه لك. وجدت أني بعد يومين تقريبا ومع الانشغال في أمور خاصة لم أقترب من عدد كبير من التطبيقات. لم تكن مهمة على أي حال، وكنت أنا من يعطيها تلك المساحة.

5-   مسحت تماما تطبيقات كالانستجرام والفيس وما على شاكلتهما مما يأكلان الوقت. (ربما أنت لديك تطبيق مختلف).

6-   أحتفظ بنسخة pdf من الكتاب الذي أقرأه حاليا، ففي الأماكن التي لا يمكنني أخذ الكتاب فيها أفتحه من الهاتف وأقرأ.

7-   الاستيقاظ مبكرا مهم جدا وترتيب أهم ما تريده من يومك، ثم لما تنتهي منه انظر وستجد نفسك ترغب بالمزيد يوما بعد يوم.

8-   تطبيق نختم من التطبيقات التي تنجز معي قراءة الورد اليومي. ففي الأيام التي من الممكن أن تتعطل فيها عن قراءة القرآن يتكفل هو بأن تقرأ عددا لابأس به من الأيات. (التطبيق يعرض لك آية كلما فتحت هاتفك، فتقرأها وتغلقه، ثم يعرض لك الآية التالية في المرة التالية).

9-   أنا أنسى كثيرا، فأنشأت قائمة بالأمور التي يجب أن أفعلها باستمرار ووضعها على الصفحة الرئيسية لهاتفي، فأجدهما أمامي طوال الوقت فلا أنسى وأقدم عليها واحدة بعد أخرى.

10-                  الأوقات البينية كنز ثمين والله! ولعل أكثر ما يوضح ذلك هو كل هذه -على قلته- وأنه ما بدى لي إلا بمحاولة استغلال وقت انتظار.

 

هذه بعض الأمور العملية التي أتذكرها الآن، وهذا ما اتضح معي خلال الأيام القليلة الماضية، وآمل المزيد، وللجميع أوقاتا طيبة ونافعة. وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجمال في كل شيء.

 "الليل الليل، ودقة الساعات تصحي الليل" أدندن بالصفير مقلدا اللحن لمقطع من فات الميعاد، ثم أدير القائمة بشكل عشوائي فيأتي المقطع نفسه الذي أقلد من بين مقاطع عديدة. ربما ذلك فيما قبل كان ليكون مطلع نداء وحداء، أو ليلة نكتب فيها ألف كلمة وكلمة ثم لانكون قد قلنا مما يجول بصدورنا إلا كلمة.. فمن للألف يجلبها؟! هل تجلبها قصيدتكِ المحبوسة بصدرك وبصندوق بريدي؟ أم تأوهات كل الأهل بين القصف والحتف؟ تقول السيدة الآن: وهات لي قلب، لا داب ولاحب، ولا انجرح ولا شاف حرمان.  كان لهذا المعنى أثر فيما مضى، ولا أعني منذ سنوات عديدة او أشهر مديدة. بل لعله الأمس أو قبل الأمس بعام أو شهيق إثر قافية نسيب: فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ** ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ أو زفير إثر قول الشاعر: أين الأحبة يا أبي أو ما دروا ** أنا إلى ساح الفناء نقاد كل الكلمات كان لها معنى، أو لنقل حالة جاهزة من التأثر. فقط هناك مايشبه مستقبلات الكلام فتوجه كل كلمة إلى مستودعها من المشاعر، فما الذي جرى؟! لا، لم آت هنا الآن لكي أشكي هما، أو أنشج. إنما لأحاول التشريح قدرالإمكان عما كان، وعما هو الآن فلعلي ...

ميراث الصمت والملكوت

 قرأت للكاتب منذ سنوات مقالة "بئس هذا الناس" وهي من النصوص القليلة التي ظلت بالذهن لفترات طويلة، ثم سمعت عنه كثيرا فيما بعد، وعن قلة ماينشره رغم مايبدو من براعة نصه، ووجود مايمكنه قوله. وهذا أشد ما يجذبني في كاتب. الكتاب جميل، ورغم أني لست بنفس الانبهار القديم عند قراءة المقالة مرة أخرى، إلا أني أمام قارئ من العيار الثقيل. وهذا أكثر ما قد يعبجني في أحد. لدي حلم واحد فقط في الحقيقة، وكثيرا ما أقول من أين أبدأ به؟ ووجدت مثيلا لهذا الحلم بالكتاب، كما أن من الجمل المميزة التي علقت بذهني من الكتاب هي: أول خطوات تنفيذ الحلم هو أن تستيقظ منه. ومن المفارقات اللطيفة أن الكاتب تعرض لفكرة المفارقات هذه بإحدى المقالات. قرأت الكتاب باتفاق مع بعض الأصدقاء كقراءة جماعية، لكني  جائع للقراءة، وللهروب من واقع حياتي الحالي. سأسألهم عن الرأي طبعا، لكن لا أظن الكاتب ترك مجالا لهكذا فكرة. فهو طارح لأفكار وخواطر عديدة، تحير من يريد أن يحلل. سأتجه لمتابعة إنتاجه إن شاء الله. وإلى رحلة أخرى.
أود أكثر من أي وقت مضى أن أقول أشياء كثيرة. ربما لاتعني أي شيء على الإطلاق لغيري، لكن الرغبات لا تحاكم ولا تصادر. مثلا أود الآن أن أخبر العالم بأسره أني أحبُ الليلَ ولا أحب الأرق. وأرغب بالخلود ولا أحب الناس ولا التقدم في السن. ربما أيضا أهمس في أذن المليارات بأنني أقنع بالقليل، قد أتصور أنه ثمة أذن كبيرة بحجم جزيرة أتحدث عبرها مرة واحدة وحسب. هذا يبدو سهلا حقا. إنه يشبه أن تكن أحد هؤلاء الذين يظنون أن بإمكانهم التحدث إلى أي أحد بأي وقت.. حتى أنه يخيل إلى البعض منهم أنه إله. لا يهم.. ملحوظة: من الأفضل ياصديقي الساهر اختيارا أو مرغما أن تعيد قراءة كلماتي مرة أخرى بسرعة كتابتها.. كأنك من تكتبها فتقرأها على مهل، ثم تضع حالتك الشعورية مع الكلمات، فيساعدك همسك وشهيقك وزفيرك، وعندئذ نكون قد اشتركنا في شيء لا أحد يدري متى بالضبط سيحدث هذا الأمر ثانية! هيا، اذهب ثم عد.. لما لم تفعل؟ هيا، لن يطير بقية كلامي، ثم إنه كلام عادي جدا على أية حال.. لدي رغبة جديد الآن.. وهي أن أسبح مع ذئبي المشتهى بين الكواكب، ثم نستقر على كوكب مناسب به احتياجاته منفصلة عن احتياجاتي حتى لانضطر إلى ممارسة نظريات الأرض ...