التخطي إلى المحتوى الرئيسي

 مرحبا يا أنا. أين أنت؟

أخبرتني مرة صادقا أنه لا شيء يهم. أيها المخادع اللئيم..! ماذا لو كان كل شيء يهم؟!

وإلا فهل لك أن تفسر لي هذا الخطر في الحلم، وفي الخيال، وفي الصمت، وفي سماع أغنية؟!

لم يشع الكون من حولي كل شيء إلا التي أود الإحساس بها؟!

لم كل هذه الحيرة، وذاك الشتات مستمران معي حتى اللحظة؟! ولا أقول يا بطيء الفهم هذه اللحظة من اليوم، لا، بل من العمر..!!

لو أني مثلا طاوعتك وشرعت في النزف منذ ساعة أو أكثر لكان الحديث عن أمر آخر، أو على الأقل مفتتح الكلم بغير ماكان..!

تعرف، لو أننا نوثق كل ما يخطر ببالنا، لكانت المكتبات المتخصصة ممتلئة بالمشاعر والأفكار..! 

توقف، ماذا تصنع؟! أهذا الوقت المناسب لتخرجني من حالي هذه لتفكر بكلمة ترادف (ممتلئة) لأنك لا تظن أنها شاعرية بما يكفي؟

من أنت على أي حال؟ البارودي أم الشماخ أم السموأل؟

أيها الماكر!! أتأتي بأسماء شعراء قدامى لتمارس لعبة المعرفة؟ ادعائها أعني؟ وإلا، هل لك أن تجزم بصحة الهمزة في الادعاء؟ مابالك وجمت؟

ألست من ادعى مؤخرا أن القيمة الحقيقة داخل المرء، وأن الفعل أبلغ من أي قول، وأنه لاجدوى من الكلمات ما دامت حبيسة الصفحات، ولم تفر منه الأحرف لتسبك سيفا ينغرس في جبهة العدو أو الجهل؟! 

دعنا نعود، وهذا بافتراض أننا من البداية كنا نقول ما يهم، أو ماهو منظم بشكل ما، لكن لا يهم.

ما كان المفتتح؟

محاولات للصراخ كالعادة؟ كلمات تهرب، ومشاعر تفر، وبحث عن صديق خيالي لا يأتي إلا ليذهب؟

صدقني، إن كنت تعتمد على فكرة أنك لا تحلم إلا بما تريد وبما تحب ليس الفكرة التي تبقي على معنى ما فيما تقول. أي معنى تريد إيصاله، ولمن؟ لقد أطلقت على من سيقرأ ماتقول (على سبيل الدقة من تخيلت أنهم سيقرأون): الجمهور، وتارة القراء.. وأنت من ادعيت أنك لا تكتب إلا لنفسك، ولأصدقاء أنت ياللعجب لم ترى منهم ألا أقل القليل..! 

دعك من هذا، واستسلم لعلتك، وعالج هذا البرد الذي يغزوك، ولصيف يبدو أنه لن يسعدك في هذه المدينة الجديدة، ودعني أنا أستمتع بذلك المغني، وبتجهيز حلم جديد قبل النوم. أفكر أن أحلم هذه الليلة بمرور على تل تجلس أسفله قبيلة من وسط آسيا تتسامر، وأنا أفكر ماقد تكون ملامح هذه المرأة التي لم تستدر لترى هذا الغريب القادم نحوهم. 

تقول الأغنية الآن:

ياحمام بتنوّح ليه، فكرتني بالحبايب..

يا هل ترى نرجع الأوطان، ولا نعيش غرايب؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجمال في كل شيء.

 "الليل الليل، ودقة الساعات تصحي الليل" أدندن بالصفير مقلدا اللحن لمقطع من فات الميعاد، ثم أدير القائمة بشكل عشوائي فيأتي المقطع نفسه الذي أقلد من بين مقاطع عديدة. ربما ذلك فيما قبل كان ليكون مطلع نداء وحداء، أو ليلة نكتب فيها ألف كلمة وكلمة ثم لانكون قد قلنا مما يجول بصدورنا إلا كلمة.. فمن للألف يجلبها؟! هل تجلبها قصيدتكِ المحبوسة بصدرك وبصندوق بريدي؟ أم تأوهات كل الأهل بين القصف والحتف؟ تقول السيدة الآن: وهات لي قلب، لا داب ولاحب، ولا انجرح ولا شاف حرمان.  كان لهذا المعنى أثر فيما مضى، ولا أعني منذ سنوات عديدة او أشهر مديدة. بل لعله الأمس أو قبل الأمس بعام أو شهيق إثر قافية نسيب: فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ** ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ أو زفير إثر قول الشاعر: أين الأحبة يا أبي أو ما دروا ** أنا إلى ساح الفناء نقاد كل الكلمات كان لها معنى، أو لنقل حالة جاهزة من التأثر. فقط هناك مايشبه مستقبلات الكلام فتوجه كل كلمة إلى مستودعها من المشاعر، فما الذي جرى؟! لا، لم آت هنا الآن لكي أشكي هما، أو أنشج. إنما لأحاول التشريح قدرالإمكان عما كان، وعما هو الآن فلعلي ...

ميراث الصمت والملكوت

 قرأت للكاتب منذ سنوات مقالة "بئس هذا الناس" وهي من النصوص القليلة التي ظلت بالذهن لفترات طويلة، ثم سمعت عنه كثيرا فيما بعد، وعن قلة ماينشره رغم مايبدو من براعة نصه، ووجود مايمكنه قوله. وهذا أشد ما يجذبني في كاتب. الكتاب جميل، ورغم أني لست بنفس الانبهار القديم عند قراءة المقالة مرة أخرى، إلا أني أمام قارئ من العيار الثقيل. وهذا أكثر ما قد يعبجني في أحد. لدي حلم واحد فقط في الحقيقة، وكثيرا ما أقول من أين أبدأ به؟ ووجدت مثيلا لهذا الحلم بالكتاب، كما أن من الجمل المميزة التي علقت بذهني من الكتاب هي: أول خطوات تنفيذ الحلم هو أن تستيقظ منه. ومن المفارقات اللطيفة أن الكاتب تعرض لفكرة المفارقات هذه بإحدى المقالات. قرأت الكتاب باتفاق مع بعض الأصدقاء كقراءة جماعية، لكني  جائع للقراءة، وللهروب من واقع حياتي الحالي. سأسألهم عن الرأي طبعا، لكن لا أظن الكاتب ترك مجالا لهكذا فكرة. فهو طارح لأفكار وخواطر عديدة، تحير من يريد أن يحلل. سأتجه لمتابعة إنتاجه إن شاء الله. وإلى رحلة أخرى.
أود أكثر من أي وقت مضى أن أقول أشياء كثيرة. ربما لاتعني أي شيء على الإطلاق لغيري، لكن الرغبات لا تحاكم ولا تصادر. مثلا أود الآن أن أخبر العالم بأسره أني أحبُ الليلَ ولا أحب الأرق. وأرغب بالخلود ولا أحب الناس ولا التقدم في السن. ربما أيضا أهمس في أذن المليارات بأنني أقنع بالقليل، قد أتصور أنه ثمة أذن كبيرة بحجم جزيرة أتحدث عبرها مرة واحدة وحسب. هذا يبدو سهلا حقا. إنه يشبه أن تكن أحد هؤلاء الذين يظنون أن بإمكانهم التحدث إلى أي أحد بأي وقت.. حتى أنه يخيل إلى البعض منهم أنه إله. لا يهم.. ملحوظة: من الأفضل ياصديقي الساهر اختيارا أو مرغما أن تعيد قراءة كلماتي مرة أخرى بسرعة كتابتها.. كأنك من تكتبها فتقرأها على مهل، ثم تضع حالتك الشعورية مع الكلمات، فيساعدك همسك وشهيقك وزفيرك، وعندئذ نكون قد اشتركنا في شيء لا أحد يدري متى بالضبط سيحدث هذا الأمر ثانية! هيا، اذهب ثم عد.. لما لم تفعل؟ هيا، لن يطير بقية كلامي، ثم إنه كلام عادي جدا على أية حال.. لدي رغبة جديد الآن.. وهي أن أسبح مع ذئبي المشتهى بين الكواكب، ثم نستقر على كوكب مناسب به احتياجاته منفصلة عن احتياجاتي حتى لانضطر إلى ممارسة نظريات الأرض ...