لم أكتب تلك القصة بعد!
لم؟
بدت عناصرها جيدة ومتماسكة. بيانو، وشيء مني في بطلها، وإضاءة موزعة باحترافية، ومرسومة بذهني وتحتاج وحسب الكتابة. هذا الشيء مني واضح جدا، وشفاف، وصامت ولديه عدد كبير من الاحتمالات لكل لحظة قادمة، ومن ضمن تخيلاته أشتهى أمرا أو اثنين، فحدث وأن طرقت بابه امرأة تعنفه ثم تمضي مخلفة عطرها وصدى صوتها، والحيرة تربكه.
بدت القصة بديعة، وأخيرا ثمة نص من النثر بدا كأنه سيريح كاتبه من عناء كتابة قصيدته المشتهاة، وأعني تلك التي سيوضع منها أبيات على شاهد قبره.
لكنها لم تكتب بعد..!
تقول الأغنية الآن: خايف أقول اللي في قلبي، تتقل وتعند ويايا.
ألهذا المشهد تأثير من المسلسل الذي أتابعه الآن؟
لعل هذا الاعتقاد هو السبب؟ أعني سرقة مشهد من عمل مصور، وألتف لأكتبه كأني مني؟ ربما..
لكن مهلا، إن المشهد اكتمل بذهني قبل هلوسات البطل في المسلسل ودخول امرأة عليه أثناء العزف، كما أن العزف على البيانو تخيل قديم عندي، وأمل مستمر.
طيب، هل يجب أن أستمر في البحث عن الموانع المحتملة، أم أكتب القصة وحسب؟!
تقول أغنية أخرى: اللي شبكنا يخلصنا.
آه على العمر يوضع في أيدي الحائر. كيف يصنع وكيف يقول من يشعر بأنه مسؤول عن العالم بكل هذا الوقت الذي يملكه؟
هل على المرء من خطأ إن وضع نفسه المسؤول الأول في أي علاقة؟ وإن أصاب إحداها عطب فوضع نفسه السبب وإن لم يجد فقد فاته شيء ما..!
ثمة لحظة لن يتحمل فيها بطل قصتي أي شيء، لذا لعلني أخاف كتابة هذه القصة.
أخاف على بطلي، وأخاف منه. أخاف على نفسي لو تأثرت به، فأجدني بعد أن كنت أكتبه؛ يرسم هو خطوتي القادمة..!
ياللعجب، يخشى الفاعل أن يصير مفعولا به..!
أميل إلى نمط ثابت في حب الشخصيات، الحقيقي منها أو المخترع. كلهم لديهم نفس الرغبة والفعل والتضحية والقيادة، لكن الغريب ومع اختلاف مشاربهم وأزمانهم، إلا أني لم ألتفت لهذه القناعة عندهم جميعا بلا استثناء، إلا مؤخرا.
قالوا في مواطن رأيتُ فيها وجوب الفعل: ربما علينا ألا نفعل شيء، فأحيانا يكون الصواب هو عدم فعل أي شيء على الإطلاق.
أعترف أن الفكرة صدمتني في البداية، فهذا ليس أنا، وهؤلاء ليسوا من اقتديت بهم وأحببتهم. لكن ما أعجب الأيام..!
إذا، لن أكتب قصتي، وسيظل البطل في قصتي يعزف، وعلى باب مسكنه طرق رقيق.
تعليقات
إرسال تعليق