التخطي إلى المحتوى الرئيسي

 الكتابة على شكل رسالة دائما ما كانت أكثر الأشكال التي قلت فيها ما أريد. وأقصد بذلك ما أكتبه إلى أحد، وليس تلك البادئة بـ: عزيزي فلان.

وبحقيقة الأمر، فإني دائما أكتب إلى أحد بعينه، وإن لم أجد أخترع واحدًا أبثه كل ما أريد حسب حالتي المزاجية.

في العادة تكون الحالة عنيفة، إذ أنني لا أجد حاجة في الكتابة طالما أن الأمور هادئة..! فما نفع التواجد على شاطئ لا موج فيه؟!

وإني منذ عشر أريد أن أكتب. وإن أردت الدقة؛ أريد أن أكتب رسالة..! وإن أردت الحقيقة والدقة التي لا انحراف معها؛ فإني أريد أن اكتب كلاما محددا ومعلوما.

لعلي أتردد فقط فيمن أوجه له الكلام. ولا يأخذنك العجب، فليس معنى أني أقول ذلك، أني أعرف ما أريد قوله ولا أعرف لمن..! قد يكون هذا تضليل وخداع، فارض -إذا سمحت- بما هو قائم.

ربما أكتبه لنفسي كأكثر ما فعلت. وربما أودعه دفتري فيبقى حبيس صفحاته مع ماسبقه من كلمات حتى أموت، وربما يبقى إلى الأبد، لكني قلت حتى الموت لأني بالطبع لا أعرف ما سيسري على الكلمات بعدئذ.

ولعلي أكتبه إلى صديق ممن أكرموني بالاستماع غير مرة، لكن الحياة علمتني أمرًا وارتضيته، وهو ألا أطمع في كرم أحد غير الله. ولعلي إذ أرسله لأحد بعيته يكون في حالة مختلفة عما أظن، وقد لا يعطيني ما أريد. فأكون كجادع أنفه بيده.

وربما أكتبه إلى أحد أتردد في إعلامه بأنه ممن أريد، أو لعلي أكتبه على العام فأكون أكثر تحررا من كل قيد، وإن خسرت خاصة المجالس والمنازل. وصدق من قال: كم من منزل يألفه الفتى..!


توشك الأيام والأعمار أن تنقضي، وإني مؤخرا تطاردني ذكريات كل الأفعال الخاطئة التي قمت بها، ولا أجد مهربا منها إلا إلى شبيهها، فأين أنصب خيمتي؟!

مع مضي الأيام أيضًا، أجدني أميل أكثر إلى عدم تحمل تبعات أفعال الغير، فتكفيني نفسي، وإن شر وأصعب ما يمكن أن يواجه الإنسان على الأرض: نفسه التي بين جنبيه..!

لا شيطان يترصد، ولا انعدام أمن، ولا قلة زاد، أو تغير عاطفة الأحباب، أو رحيل الأصدقاء، أو مواجهة أعداء..!

النفس أعتى من كل ذلك.

فاتخذت طريقا واضحا مع الناس بتحديد أطر ما يجمعنا، وإعلامهم، والتزام حدي. فإن حدث غير ذلك، فإن علاقة كهذا لا يجب أن تأخذ مساحة أكثر مما يعطي صاحبها أو يأخذ. وإلا فأكون ذا وجهين؛ واحد يرضي الناس على أي وضع كانوا، وآخر يأخذ من خير نفسه تاركا شرها يتغلب.

.

الآن، وبعدما قلت ما قلت -من كلام غير منتظم كالعادة- فسأتوقف.

كنت أريد أن أقول عشرات الأشياء. قلت شيئا واحدا. فيكفي هذا الآن، ولعلي لو توصلت إلى من أسميه، أكتب له ما أريد مفصلا.

إلا إذا كان للعمر حد قريب.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجمال في كل شيء.

 "الليل الليل، ودقة الساعات تصحي الليل" أدندن بالصفير مقلدا اللحن لمقطع من فات الميعاد، ثم أدير القائمة بشكل عشوائي فيأتي المقطع نفسه الذي أقلد من بين مقاطع عديدة. ربما ذلك فيما قبل كان ليكون مطلع نداء وحداء، أو ليلة نكتب فيها ألف كلمة وكلمة ثم لانكون قد قلنا مما يجول بصدورنا إلا كلمة.. فمن للألف يجلبها؟! هل تجلبها قصيدتكِ المحبوسة بصدرك وبصندوق بريدي؟ أم تأوهات كل الأهل بين القصف والحتف؟ تقول السيدة الآن: وهات لي قلب، لا داب ولاحب، ولا انجرح ولا شاف حرمان.  كان لهذا المعنى أثر فيما مضى، ولا أعني منذ سنوات عديدة او أشهر مديدة. بل لعله الأمس أو قبل الأمس بعام أو شهيق إثر قافية نسيب: فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ** ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ أو زفير إثر قول الشاعر: أين الأحبة يا أبي أو ما دروا ** أنا إلى ساح الفناء نقاد كل الكلمات كان لها معنى، أو لنقل حالة جاهزة من التأثر. فقط هناك مايشبه مستقبلات الكلام فتوجه كل كلمة إلى مستودعها من المشاعر، فما الذي جرى؟! لا، لم آت هنا الآن لكي أشكي هما، أو أنشج. إنما لأحاول التشريح قدرالإمكان عما كان، وعما هو الآن فلعلي ...

ميراث الصمت والملكوت

 قرأت للكاتب منذ سنوات مقالة "بئس هذا الناس" وهي من النصوص القليلة التي ظلت بالذهن لفترات طويلة، ثم سمعت عنه كثيرا فيما بعد، وعن قلة ماينشره رغم مايبدو من براعة نصه، ووجود مايمكنه قوله. وهذا أشد ما يجذبني في كاتب. الكتاب جميل، ورغم أني لست بنفس الانبهار القديم عند قراءة المقالة مرة أخرى، إلا أني أمام قارئ من العيار الثقيل. وهذا أكثر ما قد يعبجني في أحد. لدي حلم واحد فقط في الحقيقة، وكثيرا ما أقول من أين أبدأ به؟ ووجدت مثيلا لهذا الحلم بالكتاب، كما أن من الجمل المميزة التي علقت بذهني من الكتاب هي: أول خطوات تنفيذ الحلم هو أن تستيقظ منه. ومن المفارقات اللطيفة أن الكاتب تعرض لفكرة المفارقات هذه بإحدى المقالات. قرأت الكتاب باتفاق مع بعض الأصدقاء كقراءة جماعية، لكني  جائع للقراءة، وللهروب من واقع حياتي الحالي. سأسألهم عن الرأي طبعا، لكن لا أظن الكاتب ترك مجالا لهكذا فكرة. فهو طارح لأفكار وخواطر عديدة، تحير من يريد أن يحلل. سأتجه لمتابعة إنتاجه إن شاء الله. وإلى رحلة أخرى.
أود أكثر من أي وقت مضى أن أقول أشياء كثيرة. ربما لاتعني أي شيء على الإطلاق لغيري، لكن الرغبات لا تحاكم ولا تصادر. مثلا أود الآن أن أخبر العالم بأسره أني أحبُ الليلَ ولا أحب الأرق. وأرغب بالخلود ولا أحب الناس ولا التقدم في السن. ربما أيضا أهمس في أذن المليارات بأنني أقنع بالقليل، قد أتصور أنه ثمة أذن كبيرة بحجم جزيرة أتحدث عبرها مرة واحدة وحسب. هذا يبدو سهلا حقا. إنه يشبه أن تكن أحد هؤلاء الذين يظنون أن بإمكانهم التحدث إلى أي أحد بأي وقت.. حتى أنه يخيل إلى البعض منهم أنه إله. لا يهم.. ملحوظة: من الأفضل ياصديقي الساهر اختيارا أو مرغما أن تعيد قراءة كلماتي مرة أخرى بسرعة كتابتها.. كأنك من تكتبها فتقرأها على مهل، ثم تضع حالتك الشعورية مع الكلمات، فيساعدك همسك وشهيقك وزفيرك، وعندئذ نكون قد اشتركنا في شيء لا أحد يدري متى بالضبط سيحدث هذا الأمر ثانية! هيا، اذهب ثم عد.. لما لم تفعل؟ هيا، لن يطير بقية كلامي، ثم إنه كلام عادي جدا على أية حال.. لدي رغبة جديد الآن.. وهي أن أسبح مع ذئبي المشتهى بين الكواكب، ثم نستقر على كوكب مناسب به احتياجاته منفصلة عن احتياجاتي حتى لانضطر إلى ممارسة نظريات الأرض ...