عزيزي الفراغ..
قد أدركتُ الآن أني أبحث عنك أنت منذ مدة إثر الكلمات التي تتصارع داخلي. من كتب إليك قبلي يا سيد المساحات غير "كاثلين كيلي"؟!
يُخيل إلي أن أحدا ما فعل ذلك نصا. بالطبع يأتي إليك العديد. وأنا قد فعلت مثلهم.
إلا أن "كاثلين" لما قررت أن تودعك نفثة لمجرد أن تقولها وحسب أوحت لي بالتصريح بالأمر.
أشعر يا عزيزي أني مثقل، ولكن بطريقة أخرى أحس بأني خاوٍ..!
كيف يجتمع الضدان، وكيف يستقيم الأمر؟!
أخبرك بالحقيقة: لقد مللتُ الطريقة التي أتفوه بها، وأتعامل بها مع الناس، ولا أقول مللت الناس. فإن أصل الداء لأي أحد داخله. وكما تعلم "من كتم داء؛ قتله".
إن الحديث عن معنى الحياة والوجود وكل هذي الشعارات لم تعد تصلح لأن تقال. في الحقيقة أصبحت هذه الأفكار زيف ومحض هراء.. ويالمصطفى القديم.. كان مسكينا أضاع تفكيره ووقته في أمور لا تصلح.
ومازال مسكينا..!
عزيزي الفراغ..
مما قد يخاف المرء؟ وما قد يضايقه؟
نخاف من الموت والقيد والمرض والناس والمسؤولية والفضيحة والفقر والحاجة وقيادة المركبات والتواجد بها والحرب والحصار والفقد، وغيرها..!
أنا أخاف من العيش، وأخاف ألا أشعر.
اليوم الذي يمر أشعر بأنه ثقل آخر أضيف إلى سابقة الأعمال المثقلة بما لا أحب. ثم بعد كل ذلك أجدني لا أشعر بشيء يدفعني لعمل.
ماقيمة الشعور بشيء يظل صاحبه على حاله؟
أصبح بعده كما كان قبله؟!
أكتب إليك بما تيسر إلى وما تبقى لدي بعدما هربت كل الجمل والتراكيب والكلمات وأبيات الشعر والمأثور..! تفلت كل شيء من بين يدي وأصبحتُ وحيدا في نفسي وبين الناس. وبالطبع أنت تعرف ما أعني بالوحدة، فهي ليست الابتعاد عن الناس، أو المكث بمنعزل، أو التفرد بمسكن أو عمل أو مائدة..! إنما وحدة أخرى دفينة، تطرح نفسها عند كل جملة إلى أحد، وعند كل سؤال، وعند كل تعامل.
أجبر نفسي على التعامل، لأن الأمر مني، وأنا الخاسر لو انعزلت بنفسي. لكن في الوقت نفسه أرغب بشدة في أن أسيتقظ وقد وجدتني وحدي حقا.
ولا أدري أي شعور في الاثنين حقيقي..! وقد لا يكون أحدهما على شيء.
اعلم أني إنما أكتب إليك دون أحد، لأنك ستبتلع كلماتي كأنها لم تكن، وآه لو أني أمتلك الشجاعة.. لكم أرغب بشدة في أن أتحدث الآن عن المصائر التي تمنيتها لكلماتي، ومراسلاتي، وحروفي في دفاتري.
كنت أريد أن أبقى أيها الفراغ.. في أي شيء. وكنت أرغب بشدة أن تكون الكلمات في مصائر أخرى غير ما وصلت إليه، أو ما أصلتها أنا إليها.
لا ضير.. لست مطالبا بأن ترد على شيء.. إنما قد كتبت إليك هذا متأثرا بالمشهد الذي رأيته، فابتلع ما أتى إليك من كلمات كالعادة، والسلام.
تعليقات
إرسال تعليق