مرحبا..
لو كان الأمر بيدي لسافرت شمالا، بصحبة نجمتي بالشرق وبعادات أهل الجنوب. أيضًا كنتُ لأقلد صاحبا لي حاكما لأني أعرف أنه سيكفلني وسيهتم بأسعار الكتب، وبإعادة طباعة أهمها. ولعلي حينها أهديك المؤنسة مفصلة على مقاس روحك، ومقدمة لإيقاف كل هذا التردد. لم المؤنسة بالذات؟! لا لكلماته أو معانيها، أو محادثة الأخلاء...! بل لأني أحبها وأتعلق بها. أو ليس يجب أن تُحب؟ كل هذا البيان المعجون بالروح والتلقائية يجب أن يحب. حق الجمال أن يُحب. هذه جملة تصلح كحكمة. ربما معجبا بنفسي أقولها بصياغة أخرى: لا مقابل للجمال إلا الحب، ولا يضاهي حقه إلا ذلك الشعور العميق الذي يقلقل القلب من موضعه.
لقد تذكرت الآن أمرا قديما.. وقت أن كنت أتمنى عمل كتاب فريد في بابه، وسيكون كتابي الأوحد. كانت المؤنسة صاحبة الحضور فيه. أضع أبياتها عناوين الفصول وشارحتها. كنت سأضع قلبي في تلك الصفحات التي اشتهتها نفسي. على ذلك الكتاب الأوحد، بدأت علاقتي بالكتب والأدب عن طريق الأشعار. فحاولت كتابته والتقرب منه ووضعت عددا من الأبيات الناقصة وغير الموزونة ثم ما لبثت أن توقفت تماما، متمنيا أن أكتب قصيدة واحدة فقط قبل موتي. لا أرجو منها أن تصير فريدة كما الكتاب، ولكن شيئا واحدا فقط أريدها منه، وهي أن يوضع على شاهد قبري بيتا منها. لا أدري لم أريد ذلك، ولا أعرف هل هذا من تلك الأفكار الغريبة التي أكرهها وأكرهني إن وجدتني مقتنعا بها أني أقصد الحضور أمام هذا الناس؟؟!! صرت أتوقف عن كثير مما كنت أفعله إن حضر ذلك الخاطر تجاه أي فعل أو قول. إلا البيت من الشعر على شاهد القبر...!
عزيزتي..
نعم، أكتب إليك دون أن أبدأ الكلام بذلك القرب، وقد بدت الوجهة أثناء مسير الكلام فلا بأس.
إني في حيرة من أمري، وفي حيرة أخرى أكبر وأشد من شأني مع الحيرة الأولى...! فكما ترين؛ هذه الدنيا كاذبة في أصدق لحظاتها، والحياة الأخرى تكاليفها عظيمة. وفي ظل هذه المسؤولية أستسلم لأحاديث نفسي الممزقة (وعليك أن تحاولي الاستنباط أيتهما ممزقة: نفسي أم أحاديثها). لما فكرت في نفسي مؤخرا وأي تشبيه يصلح عنها وجدت واحدًا أعجبني. نفسي كعروس مكبلة في ليلة زفافها.
لماذا يتعقبني ظلي يا عزيزة؟ لم وقد تركته لما واجهتُ الموتَ وكان لابد أن أعطيه شيئًا كصفقة بدلا عني. أعطيته ظلي ومضيت بلا واحد. هل ذلك ظلي فعلا؟! وهل أتى من نفسه هاربا هو الآخر؟ وإن كان؛ فأي صفقة قدمها؟ أفكر؛ ماذا لو لم يكن هاربا وأتى يتابعني لغرض آخر؟
لو أني فعلا سافرت للشمال ومصطحبا معي نجمة شرقية وبعض أهل الجنوب وعاداتهم وكلٌ له ظله عداي؛ هل سيستمر ذلك الداكن في متابعتي فيجعلني عند أهم لحظات تحقق أمنياتي المتبقية مضطربا؟
هذه حيرة أخرى، وبالطبع لا حيرة ستغلب أسفي على موتي دون أن أكن قد قلت كل ما أريد.
تعليقات
إرسال تعليق