التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فقه السيرة

 


الحمد لله، انتهيتُ من قراءة كتاب فقه السيرة الليلة للشيخ محمد الغزالي. في العام الكتاب جيد جدا. والشيخ رحمه الله لم يتعرض فيه لتفصيل الأحداث كالكتب التي قرأتها من قبل في السيرة. بل في استعراض أهم المواقف وخاصة تلك التي في جانب بناء الدين ومواجهته محاولات الهدم المستمرة من المشركين بمكة ثم مجتمع اليهود والمنافقين بالمدينة، فالأعراب الضاربين في الصحراء ثم عرب الجزيرة فاليهود خارج المدينة فالروح على أطرافها.. إلخ.
يستعرض الشيخ هذه الأحداث ثم يقص القول فيها بكلامه وأسلوبه البديع المنساب فيقع في النفس مباشرة، والشيخ لمن يعرفه كان غيورا على دين الله و عقله لا يهدأ في محاولات فهم النص والحدث والتوجيه، ثم يربط هذا كله مع وضع الأمة حاليا ويضعه أمامنا. وقد خبرت الشيخ رحمه الله من قبل في بدايات ما قرأت، فله مكانته، وله فضل خاص علي رحمة الله عليه.

لم أقرأ الكتاب من نسختي التي اشتريتها. فتلك هناك في بيتي بمصر، لم آخذها معي حين السفر لأنها متوفرة pdf وكنت آثرت أخذ التي لا نسخ مصورة لها. ثم شاء الله أن أجد نسخة مطبوعة عن صديق هنا فقرأتها منها. وقرأت الكتاب على فترة طويلة، إذ بدأت فيها برمضان أو قبله بقلبا، ثم توقفت؛ ليس عنه وحسب بل عن القراءة كلها تقريبا، ثم أكرمني الله مؤخرا وشرح صدري وعدت للقراءة فتركت كل الكتب التي بدأتها، وأكملت في الكتاب. 

الشيخ صاحب مذهب في التفكير والعرض، ولا يكاد كتاب له يكون منفصلا عن آخره، فكلها منصلة ببعضها، وحتى بعض المسائل في الكتاب بين أيدينا أشار أنه تعرض لتفصيلها في مواضع أخرى من كتبه. وهذا مما قد يقلل فرص العودة للكتاب نفسه مرة أخرى، إلا إذا كان المرء يتعرض لمسأل ة معينة فحينها يفتح الكتاب وغيره حتى يفتح الله له ما يريد.

الكتاب بتحقيق الشيخ الألباني رحمه الله، وأذكر في بدايات القراءة إعجابي بالاختلافات بين الكاتب والمحقق في بعض المسائل حتى أني كنت أبتسم لذلك الفتى القديم الذي لامس في بدايات شبابه بعض الحديث المكروه عن العلماء وموقفهم من المسائل ومن بعضهم البعض، حتى إذا دارت الأيام دورتها وجدنا أن القراءة والمعرفة بالاطلاع لا بالسماع من الآخرين؛ هو الحق بعنيه والواجب على المرء. فالحمد لله أول الأمر وآخره.

لا أدري أي كتاب سأقرأه لاحقا بالتوازي مع بعض الفقرات من كتاب "مرايا" لإدواردو غاليانو. ربما أستكمل ألف ليلة وليلة، أو أبحث عن رواية وأقرأها، فلدي ميل لقراءة رواية جيدة حيث لم أفعل منذ فترة كبيرة.
----------------------------------
*الصورة هي آخر ما كان بالكتاب.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجمال في كل شيء.

 "الليل الليل، ودقة الساعات تصحي الليل" أدندن بالصفير مقلدا اللحن لمقطع من فات الميعاد، ثم أدير القائمة بشكل عشوائي فيأتي المقطع نفسه الذي أقلد من بين مقاطع عديدة. ربما ذلك فيما قبل كان ليكون مطلع نداء وحداء، أو ليلة نكتب فيها ألف كلمة وكلمة ثم لانكون قد قلنا مما يجول بصدورنا إلا كلمة.. فمن للألف يجلبها؟! هل تجلبها قصيدتكِ المحبوسة بصدرك وبصندوق بريدي؟ أم تأوهات كل الأهل بين القصف والحتف؟ تقول السيدة الآن: وهات لي قلب، لا داب ولاحب، ولا انجرح ولا شاف حرمان.  كان لهذا المعنى أثر فيما مضى، ولا أعني منذ سنوات عديدة او أشهر مديدة. بل لعله الأمس أو قبل الأمس بعام أو شهيق إثر قافية نسيب: فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ** ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ أو زفير إثر قول الشاعر: أين الأحبة يا أبي أو ما دروا ** أنا إلى ساح الفناء نقاد كل الكلمات كان لها معنى، أو لنقل حالة جاهزة من التأثر. فقط هناك مايشبه مستقبلات الكلام فتوجه كل كلمة إلى مستودعها من المشاعر، فما الذي جرى؟! لا، لم آت هنا الآن لكي أشكي هما، أو أنشج. إنما لأحاول التشريح قدرالإمكان عما كان، وعما هو الآن فلعلي ...

ميراث الصمت والملكوت

 قرأت للكاتب منذ سنوات مقالة "بئس هذا الناس" وهي من النصوص القليلة التي ظلت بالذهن لفترات طويلة، ثم سمعت عنه كثيرا فيما بعد، وعن قلة ماينشره رغم مايبدو من براعة نصه، ووجود مايمكنه قوله. وهذا أشد ما يجذبني في كاتب. الكتاب جميل، ورغم أني لست بنفس الانبهار القديم عند قراءة المقالة مرة أخرى، إلا أني أمام قارئ من العيار الثقيل. وهذا أكثر ما قد يعبجني في أحد. لدي حلم واحد فقط في الحقيقة، وكثيرا ما أقول من أين أبدأ به؟ ووجدت مثيلا لهذا الحلم بالكتاب، كما أن من الجمل المميزة التي علقت بذهني من الكتاب هي: أول خطوات تنفيذ الحلم هو أن تستيقظ منه. ومن المفارقات اللطيفة أن الكاتب تعرض لفكرة المفارقات هذه بإحدى المقالات. قرأت الكتاب باتفاق مع بعض الأصدقاء كقراءة جماعية، لكني  جائع للقراءة، وللهروب من واقع حياتي الحالي. سأسألهم عن الرأي طبعا، لكن لا أظن الكاتب ترك مجالا لهكذا فكرة. فهو طارح لأفكار وخواطر عديدة، تحير من يريد أن يحلل. سأتجه لمتابعة إنتاجه إن شاء الله. وإلى رحلة أخرى.
أود أكثر من أي وقت مضى أن أقول أشياء كثيرة. ربما لاتعني أي شيء على الإطلاق لغيري، لكن الرغبات لا تحاكم ولا تصادر. مثلا أود الآن أن أخبر العالم بأسره أني أحبُ الليلَ ولا أحب الأرق. وأرغب بالخلود ولا أحب الناس ولا التقدم في السن. ربما أيضا أهمس في أذن المليارات بأنني أقنع بالقليل، قد أتصور أنه ثمة أذن كبيرة بحجم جزيرة أتحدث عبرها مرة واحدة وحسب. هذا يبدو سهلا حقا. إنه يشبه أن تكن أحد هؤلاء الذين يظنون أن بإمكانهم التحدث إلى أي أحد بأي وقت.. حتى أنه يخيل إلى البعض منهم أنه إله. لا يهم.. ملحوظة: من الأفضل ياصديقي الساهر اختيارا أو مرغما أن تعيد قراءة كلماتي مرة أخرى بسرعة كتابتها.. كأنك من تكتبها فتقرأها على مهل، ثم تضع حالتك الشعورية مع الكلمات، فيساعدك همسك وشهيقك وزفيرك، وعندئذ نكون قد اشتركنا في شيء لا أحد يدري متى بالضبط سيحدث هذا الأمر ثانية! هيا، اذهب ثم عد.. لما لم تفعل؟ هيا، لن يطير بقية كلامي، ثم إنه كلام عادي جدا على أية حال.. لدي رغبة جديد الآن.. وهي أن أسبح مع ذئبي المشتهى بين الكواكب، ثم نستقر على كوكب مناسب به احتياجاته منفصلة عن احتياجاتي حتى لانضطر إلى ممارسة نظريات الأرض ...